الخميس، 17 نوفمبر 2011

الإرهاب يلوث البيئة





 
الإرهاب يلوث البيئة

ما نسمعه ونشاهده كل يوم على شاشات التلفاز والحاسوب عبر شبكات الإنترنت وصفحات الصحف والمجلات من الدمار والخراب والتشريد والقتل الذي ينتج عن الإرهاب بكل أشكاله يعتبر مصدر أساسي من مصادر تلوث البيئة.
وأن مخلفات الدمار الذي قاموا بها الإرهابيون الذين انحرفوا في تفكيرهم وتلوثوا في عقولهم وأغلقوا قلوبهم وأعينهم وأصموا أذانهم وأصبح العالم في نظرهم مهدوراً  دمه يستحق القتل والحرمان بدون ذنب يذكر لأنهم يؤمنون بمبدأ ملوث مبدأ يعطيهم حقاً بتكفير الناس وقتلهم حيث أصيب هؤلاء الإرهابيون في تشوه عقولهم وتلوثت أفكارهم .
فكانوا مصدر أساسي لتلوث المكان الذي ينفذون جرائمهم وتلوث الهواء ونقص الأكسجين والغذاء والدواء وتلوث  الماء العذب كما تلوث نهري دجلة والفرات..... وميناء العقبة الثغر الأردن الباسم وفنادق جبل عمان الذي يمثل موقع القلب من جسم الأردن الكبير بقيادته الهاشمية المظفرة  وشعبه المخلص الوفي.وتلوث بيروت السياحة والعذوبة والجمال, وتلوث أجواء عاصمة الرياض البلاد المقدسة وتلوث أسواق وشوارع بغداد ومآذن  الفلوجة ومزارع ديالي التي كانت تفوح برائحة البرتقال.وساحات ومساجد وكنائس فلسطين وأصيبوا في تلوث القيم الإنسانية لأنهم أباحوا قتل النفس الذي حرمها الله إلا بالحق في كل الأديان السماوية والشرائع والقوانين الوضعية والمذاهب الفلسفية .
وينعكس هذا التلوث على البيئة الذي يعيشون فيها وأصبحوا مصدر أساسي من مصادر تلوث البيئة .وهناك مفهومان يحكمان البيئة من وجهة النظر القرآنية ,فالحرام يشمل كل ما من شأنه تدمير  الإنسان وبيئته , والحلال يشمل كل ما هو نافع له ولمجتمعه ولبيئته وللأجيال القادمة ((كلوا وأشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين)) , فكلما سلك الإنسان بعيداً عن السلوكيات التي رسمها الله سبحانه وتعالى , حصلت الكوارث والمأسي.
وقوله تعالى ((ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)) والقاعدة الفقهية ((ما أدى إلى حرام فهو حرام))وقد بين الله ما هو حلال وما هو حرام ليكون خليفته في الأرض على بيئته في تعامله مع نفسه ومع الآخرين يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وقوله تعالى((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)).
وقول العزيز الكريم ((يا أيها الذين أمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا أن الله لا يحب المعتدين,وكلوا مما رزقكم الله حلالا ًطيبا ًواتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون)) وقوله((يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً)) وقد نهى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن الأذى بكل أشكاله وأعتبره من المحرمات وقوله صلى الله عليه وسلم ((من أذى المسلمين في طريقهم وجبت عليه اللعنة)) وقد اقترن الخير بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )).
وتمر البشرية اليوم بأزمات حادة ومشكلات بالغة التعقيد هي المشكلات البيئية وما نتج عنها من أزمات حادة يمر بها الإنسان الفرد والجماعة ... أي أزمة شعوب تعاني من تدهور في موارد البيئة وتدمير للطبيعة تمثل ذلك في تلوث للبيئة الهوائي والمائي وتعرض  الإنسان لمخاطر مخلفات الإرهاب والغازات المحرمة دوليا وأسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا ونفايات  الأفران الذرية  والمبيدات الكيماوية وغيرها وقد تعرض المحيط الحيوي إلى سوء استخدام الإنسان وربما إلى تدميره أو تخريبه...
إن المتابع لأخلاقيات البيئة والقيم التي وردت في القرآن الكريم ليصل إلى المبادئ التي تشكل المنظومة الأخلاقية للإطار الفلسفي الإيماني للتربية البيئية الذي اشتمل على جانب العقائدي الذي يحدد الصلة بين الخالق (المربي) والمخلوق(المتربي) وعلى الجانب الاجتماعي المتمثل بالعلاقات وأنماط السلوك في المحيط البشري الذي ينتمي إليه الإنسان بالجانبين المكاني والزماني الذي يعني أسلوب العيش على رقعة الأرض والتواصل والاستمرار. أن القيم الواردة في القرآن الكريم هي قواعد السلوك الإنسان وهي قيم أخروية وقيم نفعية وقيم أخلاقية وجمالية.... وتوصل إلى توحيد المرتكز الأساسي الأول للأخلاقيات البيئية من وجهة النظر القرآنية حيث يمثل وحدانية الله ((قل هو الله أحد))والإقرار بوجود خالق واحد متعال للكون وما فيه. والإنسان مسؤول في النهاية عن كل ما يفعل ((لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)) والتوحيد يشكل القاعدة الأخلاقية للإنسان باعتبارها أن الله سبحانه وتعالى هو المصدر الأوحد للقيم.
فالتوحيد مصدر الفكر والعقل الإنساني, والتوحيد المبدأ الهادي دينيا وأخلاقيا والهادي للسلوك الاجتماعي وإلى العلم والمعرفة والدافع لاكتشاف قوانين الطبيعة ليتعامل الإنسان المؤمن على وفق هذا المبدأ.
والتربية البيئية قادرة على تحقيق أهدافها في الأمانة والاستخلاف الإنساني في الأرض والمعرفة والعلم والحلال والحرام والعدل والاعتدال ((والتوازن والاتساق )) والاستحسان (الاختيار الأفضل )) والاستصلاح (( الصالح العام)) والفطرة التي فطرها الله سبحانه وتعالى في بناء الإنسان المؤمن بالأخلاق والأمانة وقدرتها على تشكيل الوعي البيئي الإيماني وتشكيل السلوك والمعايير تجاه البيئة والطبيعة والإنسان نفسه بعيداً عن القتل والتدمير والخراب.

الدكتور عبد الكريم علي اليماني
Email:qream_alymany@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا