الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

التربية والديمقراطية




التربية والديمقراطية

 كانت التربية على مر العصور ولا تزال حاجه اجتماعيه وانسانيه ، وهي في الوقت نفسه وسيلة مهمة في تحقيق تماسك المجتمع تمارسها مؤسساته المرجعية .
فالتربية هي الوسيلة والأسلوب الاجتماعي الذي يكتسب به الأفراد طرائق الحياة وقيم المجتمع واتجاهاته الذي يعيشون فيه بوصفها أداة رئيسة يعتمد عليها في التعبير، وفي استخدام التقدم الذي ينشده ومن خلال التربية يتعلم الإنسان الديمقراطية وكما هو معروف , هنالك تعاريف كثيرة للديمقراطية في الكتب المتعلقة بالسياسة و العلوم السياسية و في كل كتاب قد يجد القارئ تعريفا لمفهوم الديمقراطية يختلف بصورة      أو بأخرى عما ورد في كتاب آخر , وإن الاختلافات في هذه التعريف في الغالب اختلافات شكلية وصاغية نابعة عن الخلفية الفلسفية و الفكرية لواضع التعريف كما إنها نابعة عن درجة الاهتمام التي تعطي لأي بعد      أو جانب من إبعادها أو جوانبها .
إن التعريف الاشمل و الأدق للديمقراطية هو التعريف الذي يقول إن الديمقراطية هي مشاركة المواطنين في اتخاذ القرار العام المتعلق بحياتهم و مراقبة تنفيذه , وكما اعتقد هو التعريف الأبسط و الذي يستطيع جميع المواطنين إدراكه و تطبيقه.
إن ترجمة مفهوم الديمقراطية وظيفيا, ومع مرور الزمن و نمو ثقافة الإنسان و تعمقها,قد تطور و اخذ أشكالا مختلفة تتناسب مع الظروف الخاصة بالدول التي طبقتها و لعل أكثر الإشكال شيوعا لترجمة مفهوم الديمقراطية محددة بأربعة أبعاد أساسية هي:
البعد الأول : مبادئ الديمقراطية , ولعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية الحرية والعدالة و المساواة.
البعد الثاني  : أخلاقيات الديمقراطية , ولعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية الصدق و الجرأة و الأمانة       و النزاهة .
البعد الثالث : ممارسات الديمقراطية , و لعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية هي الانتخابات الحرة واحترام الرأي الأخر و احترام رأي الأغلبية و القبول به و التعددية السياسية و سيادة القانون.
البعد الرابع : مؤسسات الديمقراطية , و لعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية  هي الأحزاب و النقابات         و الصحف و الجمعيات .
    و يجب التأكيد على البعد الثاني و المتعلق بأخلاقيات الديمقراطية لان بعض الناس يعتقد أن الأخلاق بعد جانبي من أبعاد الديمقراطية , وأنها لا تلتزم بها كثيرا , وان شعارها : الغاية تبرر الوسيلة .
العكس هو الصحيح ؛ فالديمقراطية ترتكز على الأخلاق و تؤكدها و لا تستمر أو تتطور و ترسخ إلا بها ؛ فالأخلاق هي الضابط الرئيسي الذي يحكم جميع جوانب و أبعاد الديمقراطية, فالحرية مبدأ من مبادئ الديمقراطية, لكن ممارسة هذا المبدأ ممارسة سليمة فعالة يرتبط بالأخلاق , فعلى سبيل المثال تكفل الديمقراطية للمواطن حرية أن يفتح المذياع و يسمع ما يريد دون قيود أو شروط لكن ممارسة هذه الحرية لا تسمح لهذا المواطن أن يزعج  الآخرين بصوت المذياع, و الذي يضبط المواطن و يمنعه من الإزعاج هو الأخلاق ؛ فالأخلاق في الديمقراطية تؤكد أن حرية المواطن تنتهي عند حرية المواطن الآخر , و عند الحديث عن الأخلاق في الديمقراطية يجب التأكيد على ضرورة و تصويب قناعة خاطئة عند بعض الناس الذين يعتقدون أن الديمقراطية تسمح بالانفلات و الفوضى و التسيب, إن الديمقراطية انضباط و التزام بمعايير المجتمع و تقاليده و على هذا الأساس و لتلافي هذا الفهم الخاطئ توصف الديمقراطية باستمرار بـــــ " المسؤولية" حرصا على أبعاد كل المفاهيم و التوجهات  و التصورات الخاطئة و الخطرة منها .
إن إدراك الموطن لمفهوم الديمقراطية و معرفته لأبعادها الأربعة –المبادئ و الأخلاق و الممارسات        و المؤسسات – و معرفته لجوانب بعد كل منها ضرورة أساسية لبناء المجتمع الديمقراطي شكلا            و موضوعا .
إن نسبة غير قليلة من المواطنين و نسبة غير قليلة من المعنيين بالسياسة و بالعمل السياسي لا تدرك معنى الديمقراطية إدراكا واضحا و لا تعرف مبادئها و أخلاقها و ممارستها و مؤسساتها, لا بل إن هؤلاء يعملون في بعض الأحيان المفاهيم التي تتناقض مناقضة كاملة مع الديمقراطية و مبادئها و أخلاقها        و ممارسته و مؤسساتها, كما أن بعضهم يتصور أن الديمقراطية انفلات و الآخر يتصورها لا انضباطاً و لا مسؤولية, في حين أن العكس هو الصحيح و أن المجتمع الديمقراطي قائم على الأخلاق و المسؤولية      و الانضباط و الاحترام لكرامة الإنسان .
د. عبد الكريم علي اليماني

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا