المبادرة الهاشمية للمّ شمل أهل الرافدين
المبادرة الهاشمية للمّ شمل أهل الرافدين
في الخامس عشر من الشهر الجاري يحتضن الأردن مؤتمر المرجعيات الدينية و القوى السياسية و الشعبية العراقية بمبادرة هاشمية للم الشمل العراقي على ارض الأردن , بمبادرة من جلالة الملك عبد الله الثاني تقابل بالتثمين و التقدير و الاحترام ,فهذا هو دأب الهاشميون يحملون هموم الأمة العربية و الإسلامية , و يلمون الصف , و يعالجون القضايا العربية داخل البيت العربي , حيث قال هذا الشعار( معالجة مشاكل الأمة العربية داخل البيت العربي ) المغفور له- بإذن الله – جلالة الملك الحسين بن طلال عندما كان يصل الليل بالنهار , و يسعى لحل المشكلة العراقية الكويتية داخل البيت العربي , وعندما تقرر الحل العربي قال في مطلع خطابه المشهور قبل شن الهجوم العسكري على العراق بيوم واحد :" بأن العالم الآن يسير نحو هاوية سحيقة " .
و بعد ذلك اليوم الفاصل بين الجهود السياسية التي كانت تُبذل لحل القضية العراقية الكويتية و الهجوم الأمريكي على العراق , تدخل الجميع في حل مشاكل الأمة العربية , و تفتيت الصف , و تفككت الأمة العربية , وهانت النفوس و أصبح القتل ثقافة يومية في العراق.
إن اللقاءات و المؤتمرات تعقد كل يوم صبح مساء , و التصريحات تبث عبر الفضائيات , و لكن الحال على ما هي عليه من سيء إلى أسوأ .
لقد جاءت مبادرة جلالة الملك عبد الله الثاني في عقد أول مؤتمر للقوى السياسية و القيادات الدينية خارج ارض العراق , وجاءت من حرص جلالته كل الحرص على جمع التيارات المختلفة على ارض العراق , وتوحيد الصف و الكلمة لما فيه خير و فائدة تعود على مصلحة الشعب العراقي على كافة المستويات .
إن الشعب الأردني يدعم هذه المبادرة و يباركها لجمع الصف العراقي على ارض الأردن , و إن اللقاءات المستمرة بين جلالته و المسؤولين في الحكومة و بين الوزراء و البرلمانين العراقيين و رجال الدين و القوى الشعبية العراقية لهي الطريق الوحيد لبحث العلاقات الثنائية و التعاون المستمر بين الأهل في العراق , ويحيي الحوار الذي يجعل هناك لغة مشتركة بين الأخوة و البحث عن حلول لمشاكل الشعب العراقي مع كافة مكونات الطيف السياسي في العراقي .
إن وحدة تراب العراق و شعبه هدف يسعى إليه جلالة الملك و حل المشاكل العالقة للأهل في العراق قبل احتلال العراق ,أي منذ ثلاث سنوات, و جلالته يواصل سفراته في العالم الغربي و العربي لمتابعة الشأن العراقي وصولا إلى توحيد الصف , و تحقيق أهداف الشعب العراقي المنشودة في حياة يسودها الأمن و الاستقرار و توحيد الصف .
ثلاث سنوات انتهت من الاحتلال الأمريكي للعراق و لم ينتصر في هذه الحرب احد سوء الطائفية في الانتخابات حيث أفرزت الكتل الشيعية و الكردية و السنية .
ثلاث سنوات من الدمار و الخراب و القتل و التشريد للشعب العراقي , ولم يتحقق لهم أي وعد من وعود الديمقراطية , وحقوق الإنسان التي حملتها لهم الجنود المحتلة .
ثلاث سنوات و دم الشعب العراقي ينزف و ارض العراق أصبحت مقبرة جماعية ارض الرافدين ارض الخير و البركة و الثروات الكثيرة , قبل ثلاث سنوات حدثت الحرب الأمريكية العراقية , و كانت التصريحات بان الحرب تنتهي في 21 يوما , وكانت الأرواح الشهيدة التي دافعت عن ارض العراق معروف من يقتلها , و بعد ثلاث سنوات أصبح القتل ثقافة يومية تمارس على الشعب العراقي , ولم يعرف من القاتل .
إن الذين يقتلون الأهالي العزل من الشيوخ و النساء و الرجال و الأطفال و الأساتذة و العلماء و الصحفيين هم نفسهم الذين احتلوا العراق..هم نفسهم الذين دمروا حضارة العراق العريقة...و هم نفسهم الذين يحاولون بكل الوسائل و الأساليب إشعال بذور الفتنة الطائفية ...وهم الذين لا يعرفون من هوالشعب العراقي ...وهم نفسهم الذين جعلوا من عاصمة الرشيد بغداد الجميلة ذات الهواء العليل و الحضن الدافئ مدينة العلم و العلماء بغداد السلام و الخير و المحبة مدينة موحشة بعد ثلاث سنوات من الخراب و الدمار و العتمة الموحشة بعد أن كانت أكثر المدن إضاءة و ليلها أجمل ليل و نهارها حيوية و نشاط و صباحها من أجمل الصباحات , فهي ترقد على ضفاف دجلة و الفرات , حيث كانت تغني بها أجمل الأصوات , ووصفها عمالقة الشعر العربي بأجمل القصائد, و نخيلها الباسق يعانق السماء عنفوان و خيرا و بركة .
مدينة العلماء و الفلاسفة في بيت الحكمة في المؤتمرات و الندوات التي كانت ترفد العلم و المعرفة بكل ما هو جديد في مجال الفكر و الفلسفة في المجمع العلمي و جامعات بغداد و الندوات و الحلقات العلمية.
هذه المدينة التي تحتضن كل هذه المؤسسات العلمية و التربوية تعيش أسيرة بعد ثلاث سنوات من الاحتلال..أسيرة الجهل و القتل و الظلمة الدامسة ..أسيرة نقص الغذاء و الدواء..أسيرة سجن أبو غريب و الجاذرية ..أسيرة لأنها كانت تتنفس الأخوة و المحبة و التعاون و التسامح و الايخاء ..أسيرة لأنها كانت تتنفس العلم و السلام و الإيثار و توزيع الخيرات على الجميع لأنها لا تفرق بين السني و الشيعي ..أسيرة لأنها تحتضن العربي و الكردي و النصراني و الصابئة , و لا تفرق بينهم..أسيرة لأنها لا تفرق بين الشمال و الجنوب بين التركمان و بين الاهوار..أسيرة لأنها ترفض الظلم و الاحتلال .
هذه بغداد الذي كان جلالة المغفور له –بإذن الله- الملك الحسين بن طلال يتنبأ بما آلت إليه أن العالم يسير نحو هاوية سحيقة عندما قالها قبل بداية الهجوم الأمريكي على العراق في تاريخ 16/1/1990 بعد أن تعذرت جميع المحاولات التي قام بها لحل القضية العربية داخل البيت العربي .
جاءت مبادرة جلالة الملك عبد الله الثاني لتواصل مسيرة الهاشميين في معالجة القضايا العربية داخل البيت العربي ,فها هو جلالة القائد يبادر لدعوة القوى الشعبية العراقية و المرجعيات الدينية لمؤتمر ينعقد خارج ارض العراق بعد ثلاث سنوات من الحرب ارض الأردن ارض الوفاق و الاتفاق لحل مشاكل الأمة العربية و معالجة قضاياهم ببصيرة ثقافية و ذكاء حاد من جلالة القائد الأعلى , و هذا دأب الهاشميين الشعور بمشاكل الأمة و محاولة حلها , آخذاً من قول المصطفى صلى الله عليه و سلم :" مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ".
الدكتور عبد الكريم علي اليماني
Email:qream_alymany@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق