الأربعاء، 22 فبراير 2012

كيف نفهم الديمقراطية




كيف نفهم الديمقراطية ؟؟

للديمقراطية كما هو معروف , تعاريف كثيرة في الكتب المتعلقة بالسياسة و العلوم السياسية و في كل كتاب قد يجد القارئ تعريفا لمفهوم الديمقراطية يختلف بصورة أو بأخرى عما ورد في كتاب آخر ,و إن الاختلافات في هذه التعاريف في الغالب اختلافات شكلية و صياغية نابعة عن الخلفية الفلسفية و الفكرية لواضع التعريف كما إنها نابعة عن درجة الاهتمام التي تعطي لأي بعد أو جانب من إبعادها أو جوانبها .

إن التعريف الاشمل و الأدق للديمقراطية هو التعريف الذي يقول إن الديمقراطية هي مشاركة المواطنين في اتخاذ القرار العام المتعلق بحياتهم و مراقبة تنفيذه , وكما اعتقد هو التعريف الأبسط و الذي يستطيع جميع المواطنين إدراكه و تطبيقه.

إن ترجمة مفهوم الديمقراطية وظيفيا, ومع مرور الزمن و نمو ثقافة الإنسان و تعمقها,قد تطور و اخذ أشكالا مختلفة تتناسب مع الظروف الخاصة بالدول التي طبقتها و لعل أكثر الإشكال شيوعا لترجمة مفهوم الديمقراطية محددة بأربعة أبعاد أساسية هي:
البعد الأول : مبادئ الديمقراطية , ولعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية الحرية والعدالة و المساواة.

البعد الثاني  : أخلاقيات الديمقراطية , ولعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية الصدق و الجرأة و الأمانة و النزاهة .

البعد الثالث : ممارسات الديمقراطية , و لعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية هي الانتخابات الحرة واحترام الرأي الأخر و احترام رأي الأغلبية و القبول به و التعددية السياسية و سيادة القانون.

البعد الرابع : مؤسسات الديمقراطية , و لعل أكثر جوانب هذا البعد أهمية  هي الأحزاب و النقابات و الصحف و الجمعيات .
    و يجب التأكيد على البعد الثاني و المتعلق بأخلاقيات الديمقراطية لان بعض الناس يعتقد أن الأخلاق بعد جانبي من أبعاد الديمقراطية , وأنها لا تلتزم بها كثيرا , وان شعارها : الغاية تبرر الوسيلة .

العكس هو الصحيح ؛ فالديمقراطية ترتكز على الأخلاق و تؤكدها و لا تستمر أو تتطور و ترسخ إلا بها ؛ فالأخلاق هي الضابط الرئيسي الذي يحكم جميع جوانب و أبعاد الديمقراطية, فالحرية مبدأ من مبادئ الديمقراطية, لكن ممارسة هذا المبدأ ممارسة سليمة فعالة يرتبط بالأخلاق , فعلى سبيل المثال تكفل الديمقراطية للمواطن حرية أن يفتح المذياع و يسمع ما يريد دون قيود أو شروط لكن ممارسة هذه الحرية لا تسمح لهذا المواطن أن يزعج  الآخرين بصوت المذياع, و الذي يضبط المواطن و يمنعه من الإزعاج هو الأخلاق ؛ فالأخلاق في الديمقراطية تؤكد أن حرية المواطن تنتهي عند حرية المواطن الآخر , و عند الحديث عن الأخلاق في الديمقراطية يجب التأكيد على ضرورة و تصويب قناعة خاطئة عند بعض الناس الذين يعتقدون أن الديمقراطية تسمح بالانفلات و الفوضى و التسيب, إن الديمقراطية انضباط و التزام بمعايير المجتمع و تقاليده و على هذا الأساس و لتلافي هذا الفهم الخاطئ توصف الديمقراطية باستمرار بـــــ " المسؤولية" حرصا على أبعاد كل المفاهيم و التوجهات  و التصورات الخاطئة و الخطرة منها .

إن إدراك الموطن لمفهوم الديمقراطية و معرفته لأبعادها الأربعة –المبادئ و الأخلاق و الممارسات و المؤسسات – و معرفته لجوانب بعد كل منها ضرورة أساسية لبناء المجتمع الديمقراطي شكلا و موضوعا .
إن نسبة غير قليلة من المواطنين و نسبة غير قليلة من المعنيين بالسياسة و بالعمل السياسي لا تدرك معنى الديمقراطية إدراكا واضحا و لا تعرف مبادئها و أخلاقها و ممارستها و مؤسساتها, لا بل إن هؤلاء يعملون في بعض الأحيان المفاهيم التي تتناقض مناقضة كاملة مع الديمقراطية و مبادئها و أخلاقها و ممارسته و مؤسساتها, كما أن بعضهم يتصور أن الديمقراطية انفلات و الآخر يتصورها لا انضباطاً و لا مسؤولية, في حين أن العكس هو الصحيح و أن المجتمع الديمقراطي قائم على الأخلاق و المسؤولية و الانضباط و الاحترام لكرامة الإنسان .

د. عبد الكريم اليماني

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا