السبت، 4 فبراير 2012

أهمية القراءة و الكتابة




أهمية القراءة و الكتابة

إن أول كلمة قالها سيدنا جبريل عليه السلام للرسول الكريم-صلى الله عليه و سلم- هي "اقرأ" و كررها ثلاث مرات قبل أن ينصاع المصطفى للأمر الإلهي ،فأول  خطاب وجهه إلى الرسول الكريم كان أمرا بالقراءة و حديثاً عن القلم و العلم ،و تضمن كذلك معاني تدل على أن الله هو الذي يجعل الرسول قادراً على القراءة , و انه هو الذي  يهبه العلم , و إن الوحي إنما هو خطاب الهي يرتبط بالذات الإلهية لا بسائر الكتب الوضعية ؛فالله هو الذي ينزل الوحي و يهب الإيمان و الهدى و المعرفة , و هذه العبارة الأولى في الواقع أساس الدين و منطلق الإيمان و هي تؤسس لعلاقة جذرية متعددة المستويات بين المسلم و الخطاب القرآني ،بمعنى أن كل مؤمن لا بد أن يقرا الكتاب الكريم حتى تستوي العلاقة بينه و بين الرسول و بين المسلمين أجمعين بكلمة مختصرة عندما اقرأ ادخل في جملة من العلاقات و الروابط مع الخالق و المخلوقات الإنسانية على امتدادها في أنحاء المعمورة , و بالقراءة يستطيع الإنسان معرفة أسرار الحياة و ما له و ما عليه من واجبات .

قال تعالى :" ن و القلم و ما يسطرون " صدق الله العظيم .
اقسم الله تعالى بالحرف والقلم لأهميته في حياة الإنسان،حيث نشأت الكتابة و القراءة نتيجة حاجات شعرت بها الشعوب القديمة ،و لا شك أن القراءة كانت و لا تزال عملية عبادة ،كل إنسان مسلم مؤمن يقرا في الكتاب الذي هو عماد دينه و أساس صلاته؛فالمسلم مثلاً لا يقرا القرآن ليطلع أمور دينه فحسب أو ليقيم الصلاة و يؤدي الشعائر المطلوبة منه فقط بل يقوم بقراءة الكتاب المنزل عبادة لله تعالى و تقرباً منه و من رسوله الكريم .
فإذا تطلعنا إلى تاريخ هاتين الظاهرتين الكتابة و القراءة و تطورهما عبر الأزمنة لوجدنا أن الإنسان كتب و قرأ لتلبية حاجات تتعلق بالمعتقدات الدينية و الحياة بعد الموت،كما فعل الفراعنة عندما بنوا الأهرام و دونوا الكتابات الهيروغليفية التي تكرس لهم الحياة بعد مماتهم أو لأسباب تجارية (كما نجد عند الفينيقيين) ،أو من اجل تسجيل القوانين و القرارات الصادرة عن الحكام (كما نجد عند حامورابي أو لتدوين المساجلات الفكرية والمعارف الفلسفية كم عند اليونان) أو في سبيل العبادة و تدوين الشرائع السماوية مثلما حصل عند المسحيين و المسلمين ،لكن القراءة و الكتابة معاً لم تكن شائعة بين الناس بل كانت حكرا ًعلى عدد قليل منهم و كانت في بعض الأحيان مهنة تتداولها طبقة من المجتمع أو يتناقله الكهنة و رجال الدين فيما بينهم.

و هناك كذلك من يقرا ليستطلع الأمور و يعرف مكنونات العالم ،و يقع هذا النوع من القراءة في درجات يقرا الناس للمعرفة و الاطلاع على ما يجري حوله. و هؤلاء هم قراء الجرائد ؛فالجريدة تقع في مرحلة وسطى بين الكتاب و البيان الرسمي أو العلمي  الكتاب متخصص ببحث موضوع معين و يتوجه لقارئ معين و يتصف إجمالا بأنه أكثر عمقاً.في حين أن الصحيفة تتوجه إلى كثير من جمهور القراء و تقدم مواضيع اقل عمقاً و اشمل و أكثر تنوعاً مما يقدمه الكتاب و هناك  من يقرا للذة القراءة ،قد يجد القارئ اللذة و المتعة فيما يقراه و هذا هو النوع الأول من التعامل أما النوع الثاني أن القارئ  يجد في القراءة وسيلة يبتعد فيها عن الواقع الذي يعيش فيه ليتعرف عالم المكنونات، و اللذة هنا تعني أن القراءة لا تبغي أكثر من ذاتها,أنا  أقرا قصيدة للمتنبي لا لأتعلم أو لأستطلع الأخبار بل لمجرد المتعة الذاتية و أكون في هذه الحالة مشاركاً في النص لا متلقياً سلبياً .


الدكتور عبد الكريم علي اليماني
Email:qream_alymany@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا