الأحد، 23 أغسطس 2015

المحادثة والمجالسة عثرات وتصويبات




 http://choices.zaahib.com/wp-content/uploads/2013/09/58034438.jpg
 المحادثة والمجالسة عثرات وتصويبات:

1ـ الثرثرة:
وهي كثرة الكلام بلا فائدة، والثرثار هو كثير الكلام تكلفًا. والثرثار يتكلم في كل باب، فإذا حضر مجلسًا ملأه بكثرة الضجيج ؛ فكلام الإنسان بيان فضله، وترجمان عقله؛ فاقصره على الجميل، واقتصر منه على القليل'.

2ـ الاستئثار بالحديث:
فهناك من يستأثر بالحديث، فلا يعطي غيره فرصة لأن يتكلم.
والأثرة بالحديث آفة قبيحة، ومن الأدب في الكلام أن يقتصد الإنسان في تحدثه في المجالس ، فكلٌ من الحاضرين يكون له نصيب من ذلك، اللهم إلا الصغار مع الكبار.

3ـ الحديث عن النفس على سبيل المفاخرة:
فبعض الناس لا يفتأ يتحدث عن نفسه، فيذكر محاسنها ، ويمتدح أعماله، ويدخل في ذلك تحدثه عن ذكاء أولاده، وعن زوجته، وحسن تدبيرها، ونحو ذلك.

4ـ الغفلة عن مغـبّة الكلام:
فهناك من يطلق لسانه بالكلام دونما نظر في آثاره، أو أبعاده، غير عابئ بما يجره عليه من بلاء أو شقاء؛ فلربما كان سببًا في مقتله، أو في إذكاء عداوة، أو إشعال حرب، أو نحو ذلك. . ولهذا يجب على العاقل أن يخزن لسانه، وأن يزن كلامه؛ حتى لا يقع فيما لا تحمد عقباه، فيندم ولات ساعة مندم. فـ 'مقتل الرجل بين فكيه'

5ـ قلة المراعاة لمشاعر الآخرين:
 فمن الناس من هو غليظ الطبع، كثيف النفس، لا يراعى مشاعر الآخرين، ولا يأنف من مواجهتهم بما يكرهون، فتارة يُذكر الحاضرين بعيوبهم، وتارة يؤذيهم بلحن منطقة، وتارة يذكرهم بأمور يسوؤهم تذكرها.
ولهذا فالرجل النبيل، ذو المروءة والأدب هو من يراعي مشاعر الآخرين، فلا يؤذيهم بكلمة، ولا يجرح مشاعرهم بإشارة أو نحوها.

6ـ التعميم في الذم:
فتجد من الناس من يغلب عليه جانب المبالغة في إطلاق الأحكام، فتراه يعمم الحكم في ذم طائفة، أو قبيلة، أو جماعة من الناس. فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئًا فلا تأمن مكافأتهم، أو متعمدًا فتنسب إلى السفه. ولا تذمن مع ذلك اسمًا من أسماء الرجال أو النساء بأن تقول: إن هذا لقبيحٌ من الأسماء؛ فإنك لا تدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين والحرم. ولا تستصغرن من هذا شيئًا؛ فكل ذلك يجرح في القلب، وجرح اللسان أشد من جرح اليد'.

7ـ كثرة الأسئلة، وتعمد الإحراج فيها:
فيسأل عما لا يعنيه، ويسأل الناس عن أمورهم الخاصة، التي لا يرتضون أن يطلع عليها أحد غيرهم، ثم إن السائل قد يُوْقعُ نَفْسَهُ فيما يسوؤه من رد موبخ مسكتٍ .

8ـ سرعة الجواب:
 فيجيب دون أن ينهي السائل كلامه، أو يجيب عن سؤال لم يوجه إليه، وأقبح ما في هذا أن يجيب المرء عن سؤال وجه إلى غيره، فهذا كله مناف لأدب المحادثة، قال عمر بن عبد العزيز :'خصلتان لا تعدمانك من الجاهل: كثرة الالتفات،وسرعة الجواب' .

9ـ الحرص على إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة:
وهذا مما يتنافى مع الحزم؛ فليس من الحكمة أن يتعجل الإنسان إبداء الرأي؛ لأنه ربما جانب الصواب، وخالف الحقيقة، بل ربما قاده ذلك إلى أن يتعصب لرأيه ولو كان غير مصيب؛ كيلا يوصم بالعجلة والزلل. و آراء المرء له، وأقواله عليه؛ فإذا صرح بآرائه صار أسيرًا لها، مكبلًا في أغلالها، له غنمها، وعليه غرمها.

10ـ التعرض للسفلة والسفهاء:
فهناك من لا يأنف من مجاراة السفهاء، والتعرض للسفلة؛ فإذا ما جمعه بهم مجلس توسع في الحديث معهم، وتمادى في مضاحكتهم وممازحتهم، مما يجعله عرضة لسماع ما لا يرضيه من ساقط القول، فيصبح بذلك مساويًا لهم في سفههم وسفالتهم؛ إذ نزل إليهم، وانحط في حضيضهم. إذا جاريت في خلق دنيئًا فأنت ومن تجاريه سواء
والمروءة أن يعرض المرء عنهم، ويدع الحديث معهم إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة؛ من سلام أورده، أو جواب لسؤال، أو نحو ذلك.

11ـ الحديث بما لا يناسب المقام:
فتراه يتكلم بالهزل في مواقف الجد، ويحاول إضحاك السامعين في مجلس يسوده الحزن. ومن الناس من يخاطب الأذكياء بخطاب لا يناسب إلا قاصري العقول، وربما خاطب محدود الذكاء بكلام لا تدركه أفهامهم، ومن هنا يفقد الكلام قيمته، ويصبح ضربًا من الهذيان، بل ربما عرض صاحبه للمز للناس وعيبهم إياه. فلكل مقام مقال.

12ـ الحديث عند من لا يرغب:
 وهذا لا يحسن من ذي المروءة. قال مطرف: لا تطعم طعامك من لا يشتهيه .يريد لا تقبل على من لا يقبل عليك بوجهه.


13ـ تكرار الحديث:
فهناك من يذكر الشيء في المجلس الواحد مرات، وهناك من يكرر كلامه كثيرًا بلا مسوغ، مما يجعل الأذواق تمجه، والآذان تستك من سماعه. فأما إذا احتيج إلى التكرار، وكان فيه زيادة فائدة، ولم يكن موصلاً إلى حد الملال؛ فلا بأس به.

14ـ التعالي على السامعين:
فمن الناس من إذا تحدث إلى أناس تعالى عليهم، وأزرى بهم. وربما أشعر ـ ولو من طرف خفي ـ بأن السامعين لا يعون كلامه، ولا يدركون مراميه. بل ربما تلمظ برطانة الأعاجم، وأدرجها في ثنايا حديثه بلا داع لذلك، وإنما قالها ليترفع على السامعين، وليظهر فضله عليهم!.

15ـ ترك الإصغاء للمتحدث:
وذلك بمقاطعته، ومنازعته الحديث، أو بالتشاغل عنه بقراءة جريدة أو كتاب، أو متابعة متحدث آخر. فينبغي للمرء أن يحسن الأدب مع من يتحدث أمامه، وقال الحسن:'إذا جلست فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول، ولا تقطع على أحد حديثه'.

16ـ الاستخفاف بحديث المتحدث:
 فمن الناس من إذا سمع متحدثًا، وبدر من ذلك المتحدث خطأ يسير أو نحو ذلك؛ سفهه، واستخف بحديثه. ومن هذا القبيل ما يوجد عند بعض الناس، فما أن يتكلم أحد في مجلس إلا وتبدأ بينهم النظرات المريبة، التي تحمل استخفافًا وسخرية بالمتحدث.

17ـ المبادرة إلى إكمال الحديث عن المتحدث:
قال ابن عبد البر رحمه الله:'ومن سوء الأدب في المجالسة أن تقطع على جليسك حديثه، أو أن تبتدره إلى تمام ما ابتدأ به منه خبرًا كان، أو شعرًا تتم له البيت الذي بدأ به؛ تريه أنك أحفظ له منه، فهذا غاية في سوء المجالسة، بل يجب أن تصغي إليه كأنك لم تسمعه قط إلا منه'. وقال عطاء:'إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد'.

18ـ القيام عن المتحدث قبل أن يكمل حديثه:
فهذا من قلة الأدب، ومما ينافي إكرام الجليس، قال أبو مجلز:'إذا جلس إليك رجل يتعمدك فلا تقم حتى تستأذنه'.

19ـ المسارعة إلى تكذيب المتحدث:
فمن الناس من إذا طرق سمعه كلام غريب من حدث ما ـ بادر إلى تكذيبه، وتفنيد قوله، إما تصريحا، أو تلميحا، أو إشارة باليد أو العين، أو أن يهمز من بجانبه؛ ليشعره بأن المتحدث كاذب. فهذا العمل من العجلة المذمومة، ومن إساءة الظن بمن يتحدث، وهو مما ينفي كمال الأدب والمروءة.

20ـ التقصير في محادثة الصغار:
 فلمحادثة المربي صغاره فائدةٌ عظمى، لتعليمهم آداب الحديث، فبذلك ينمو عقل الصغير، وتتوسع مداركه، ويزداد رغبة في الكشف عن حقائق الأمور، ومجريات الأحداث. كما أن ذلك يكسبه الثقة في نفسه، ويورثه الجرأة والشجاعة الأدبية، ويشعره بالسعادة والطمأنينة، والقوة والاعتبار. مما يعده للبناء والعطاء، ويؤهله لأن يعيش كريمًا شجاعًا، صريحًا في حديثه، جريئًا في طرح آرائه. وكثير من الناس لا يأبه بمحادثة صغاره ولا يلقي بالاً لتعليمهم عن أسئلتهم إذا هم سألوا، بل ربما كذبهم إذا أخبروا، ونهرهم وأسكتهم إذا تكلموا وهذا من الخلل والتقصير؛ فهذا الصنيع مما يولد الخوف في نفس الصغير، كما يورثه التردد، والذلة، والمهانة، والخجل الشديد، وفقدان الثقة بالنفس. بل قد يعجز عن الكلام، وقد يصاب بعيوب النطق من فأفأة، وتمتمة، ونحوها.

21ـ الوقيعة في الناس:
فهناك من إذا جلس مجلسًا وقع في الناس، ورتع في أعراضهم، وأطلق لسانه في ذمهم وعيبهم، غيبة، ونميمة، وافتراء وبهتانًا. ومن أصاخ السمع، وأصغى الفؤاد لمن ينم أو يغتاب؛ فهو مشارك له في الإثم.
ومن يطع الواشين لا يتركوا له صديقًا ولو كان الحبيب المقربا

22ـ التسرع في نشر الأخبار قبل التثبت منها ومن جدوى نشرها:
فمن الناس من إذا سمع خبرًا طار به، وسعى في نشره وبثه بين الناس، قبل أن يتثبت من صحته ومن جدوى نشره. وهذا من الأخطاء الكبيرة التي يحصل بسببها الاختلاف والافتراق. فالعاقل لا يتكلم إلا إذا تثبت من صحة الكلام، فإذا ثبت لديه صحته نظر:فإن كان في نشره حفز للخير واجتماع وألفة؛ نشره وأظهره، وإن كان الأمر بخلاف ذلك؛ كتم الخبر وستره.

22ـ الكذب:
 فما أكثر الكذب في مجالس الناس، فمن الناس من إذا حضر مجلسا أطلق لسانه بالكذب، فتراه يأتي بالغرائب، ويغرب في العجائب؛ كل ذلك لأجل أن يستظرف ظله، ويستطرف حديثه، ويرغب في مجلسه. بل ربما ادعى الفضل، وتشدق بكثرة الأعمال مع أنه عاطل من ذلك كله، وإنما قال ذلك ادعاءً وتظاهرًا، ومجاراةً لأهل الفضل. والكذب دليل على ضعة النفس،وحقارة الشأن، وسقوط الهمة.

24ـ سماع كلام الناس بعضهم ببعض وقبول ذلك دون تمحيص أو تثبت:
قال الشيخ ابن سعدي:' من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم ببعض، ثم يبني عليه السامع حبًا وبغضًا، ومدحًا وذمًا. فكم حصل بهذا الغلط من أمور صار عاقبتها الندامة، وكم أشاع الناس عن الناس أمورًا لا حقائق لها بالكلية، أولها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، وخصوصًا ممن عرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت والتحرز، وبهذا يعرف دين المرء ورزانته وعقله'.

25ـ رفع الصوت من غير حاجة أو داع إلى ذلك:
 وهذا مما ينافي أدب الحديث، قال تعالى:}وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير ِ[19] { [سورة لقمان]. قال ابن سعدي في تفسير الآية: فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة لما اختص الحمار بذلك، الذي علمت خسته وبلادته'.

26ـ الغلظة في الخطاب:
من الناس من إذا خاطب الناس أغلظ لهم القول، وجابههم بالعنف، وواجههم بالشدة. مما يبذر الشقاق الذي نهينا عنه . وللكلمة الطيبة وقع عظيم في القلب؛ فكم من مودة استجلبت بها، وكم من عداوة زالت بسببها. قال تعالى: }وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً[83]{ [سورة البقرة].

27ـ الشدة في العتاب:
عند أدنى هفوة أو زلة، إما لحدة في طبعه، وإما لظنه أنه لو لم يفعل ذلك لسقطت منزلته، أو غير ذلك.
والشدة في العتاب، وقلة التغاضي عما يصدر من الأخطاء؛ مما يسبب النفور، فالعاقل اللبيب لا يعاتب إخوانه عند كل صغيرة وكبيرة، بل يلتمس لهم المعاذير، ويحملهم على أحسن المحامل. ثم إن كان هناك ما يستوجب العتاب عتبهم عتابًا لينًا رقيقًا، ثم ما أحسن المرء أن يتغاضى ويتغافل؛ فالتغاضي والتغافل من أخلاق الكبار:
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي

28ـ ترك السلام حال دخول المجلس وحال الخروج منه:
 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ ثُمَّ إِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ] رواه أبوداود والترمذي وأحمد .

29ـ الجدال والمراء والخصومة:
عند كل صغيرة وكبيرة، لا لجلب مصلحة، ولا لدرء مفسدة، ولا لهدف الوصول إلى الحق والأخذ به، وإنما رغبة في اللدد، وحبًا في التشفي من الطرف الآخر. ولهذا تجد الواحد من هؤلاء يسفه صاحبه، ويرذل رأيه، ويرد قوله، فلا يمكن ـ والحالة هذه ـ أن يصل المتجادلون إلى نتيجة طالما أن الحق ليس رائدهم ومقصودهم.

30ـ حب المعارضة والخالفة:
 فمن الناس من هو محب للمعارضة، كلفٌ بالمخالفة، قال ابن حزم:' إياك ومخالفة الجليس، ومعارضة أهل زمانك فيما لا يضرك في دنياك ولا في آخرتك، وإن قل؛ فإنك تستفيد بذلك الأذى، والمنافرة، والعداوة. وربما أدى ذلك إلى المطالبة والضرر العظيم دون منفعة أصلاً'.
ومن كان هذا عادته فإنه لا يبصر الحق، ولا ينصره، ولا يعتقده دينًا ومذهبًا. إنما يتعصب لرأيه، وينتقم لنفسه، ويسعى في مرضاتها، حتى إنك لو رمت أن تترضاه، وتوخيت أن توافقه على الرأي الذي يدعوك إليه ـ تعمد لخلافك فيه، ولم يرض به حتى ينتقل إلى نقيض قوله الأول، فإن عدت في ذلك إلى وفاقه عاد فيه خلافك.

31ـ بذاءة اللسان والتفحش في القول:
 قال الإمام النووي:' ينهى التعبير عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة وإن كانت صحيحةً، والمتكلم بها صادقًا، ويقع ذلك كثيرًا في ألفاظ الوقاع ونحوها. وينبغي أن يستعمل في ذلك الكنايات، ويعبر عنها بعبارة جميلة يفهم بها الغرض. وبهذا جاء القرآن العزيز، والسنن الصحيحة المكرمة، قال تعالى:}أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ...[187]{ [سورة البقرة]. ... قال العلماء: فينبغي أن يستعمل في هذا وما شبهه من العبارات التي يستحيا من ذكرها بصريح اسمها الكنايات المفهمة، فيكنى عن جماع المرأة بالإفضاء، والدخول، والمعاشرة، والوقائع، ونحوها'.


32ـ التقعر في الكلام:
 وهو أن يتكلم المرء بأقصى قعر فمه؛ إظهارًا لفصاحته، وتميزه، وبراعته. وذلك ممقوت مذموم، قال الإمام النووي:'ويكره التقعير في الكلام بالتشدق، وتكلف السجع، والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون، وزخارف القول. فكل ذلك من التكلف المذموم، وكذلك تكلف السجع، وكذلك التحري في دقائق الإعراب، ووحشي اللغة في حال مخاطبة العوام. بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته لفظًا يفهمه صاحبه فهمًا جليًا، ولا يستثقله'. وليس معنى ذلك ألا يحرص المرء على حسن منطقه، وإنما المقصود ألا يغرق في التكلف فيتعدى حدود الذوق.

33ـ الخوض فيما لا طائل تحته:
فأكثر الناس لا يكاد ينقطع لهم كلام، واهتمامهم إنما هو بطرح قضايا باردة، أو موضوعات تافهة، تدور حول الصغائر والسفاسف والمحقرات، فتارة يتحدثون عن الرياضة ومن فاز، ومن هزم، ومن أصيب من اللاعبين ومن شفى؟ وتارة عن الفن وأخبار أهله، وقراءة مذكراتهم، ومتابعة آخر أعمالهم، وإن سمت تلك المجالس قليلاً أغرقت بالحديث عن حطام الدنيا، وعن المصالح الخاصة فحسب، وإلا ملئت بتسقط الأخبار، وتتبع العيوب، ونحو ذلك . قال تعالى: } لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا[114]{ [سورة النساء].
فأولى لتلك المجالس أن تشغل بما ينفع، وذلك بالتواصي بالبر والتقوى، مسائل العلم التي يصحح بها الإنسان عقيدته وعمله، أو بالحديث عن أخبار المسلمين في أنحاء المعمورة، وبيان ما يصيبهم من البأساء واللأواء؛ حتى تنبعث القلوب للتعاطف معهم، وبذل ما يستطاع من مال، أو دعاء، أو نحو ذلك مما يعود بالفائدة في الدنيا والآخرة. أو أن تشتمل على أخبار الكرام، والشجعان، وذوي المروءات، ونحو ذلك مما يجمع إلى جانب المتعة الفائدة.

34ـ كثرة التلاوم:
وهذا دأب كثير من الناس، يقضون الساعات الطوال في التلاوم، وذم الأوضاع، وانتقاد الآخرين، والتشدق بمعالي الأمور دون سعي لها.

35ـ كثرة الشكوى إلى الناس:
 فما أكثر ما يرى من ديدنه الشكوى إلى الناس، وكثرة التسخط، فتراه يشكو فقره، وأولاده، وزوجته،ودابته، ومزرعته، وعمله، ومديره، ومن تحت يده، وربما شكى الحر والقر وهكذا... فهذا الصنيع دليل على ضعة النفس، وقلة التحمل. واللائق بالمسلم العاقل أن يتحلى بالصبر الجميل، وألا يشكو إلا إلى ربه، وألا ينزل حاجاته إلا ببابه، فالناس لا يملكون له ضرًا ولا نفعًا.

36ـ كثرة الحديث عن النساء:
وليس المقصود ههنا ما يدور في مجالس الخنا، وإنما المقصود في هذا المقام ما يدور في بعض المجالس العامة، وربما كان ذلك في بعض مجالس الفضلاء، فتجد تلك المجالس تعمر بذكر النساء، وربما كانت تلك المجالس ميدانًا للتنافس، والتفاخر، والتحدي؛ فهذا يفاخر بأنه قد عدد، وهذا يتحدى صاحبه بأن يتزوج بثانية، وهذا يزري بالآخرين؛ لاقتصارهم على واحدة. وليس المقصود من هذا أن يمنع الحديث عن النساء بإطلاق، وإنما المقصود ألا يكون ذلك سمة في المرء، وديدنًا وعادة له.

37ـ كثرة الهزل:
فهناك من الناس من إذا جلس مجلسًا أضفى عليه من هزله، وسخريته، وكلامه السمج الذي يسمونه:'التنكيت' الخارج عن حدود الأدب واللياقة؛ فإن هؤلاء المنكتين ينالهم الذل والصغار، واحتقار العقلاء لهم، فيكبرون وهم الأصغرون.

38ـ كثرة المزاح:
بعض الناس يغلب عليه كثرة المزاح، وربما أسفَّ فيه، ومزح مع من لا يرغب في المزاح، قال بعض الحكماء: 'من كثر مزاحه زالت هيبته'. وقال ميمون بن مهران:'إذا كان المزاح أمام الكلام فآخره الشتم واللطام'.
و المزاح لا ينبغي الإكثار منه، ولا الإسفاف فيه، وإنما يكون في الكلام كالملح في الطعام إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم.

39 ـ كثرة الحلف:
بمناسبة وبدون مناسبة. أما إذا احتاج المسلم إلى اليمين أو طلبت منه ـ فلا بأس في ذلك.

40ـ تتبع عثرات الجليس .

41ـ تكليف الرجل جلاسه بخدمته:
 وهذا الصنيع ليس من المروءة في شيء؛ إذ المروءة تقتضي القيام بخدمة الزائر، والمبالغة في إكرامه، قال عمر بن عبدالعزيز:'ليس من المروءة أن يستخدم الإنسان ضيفه' .

42ـ التناجي:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى رَجُلَانِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ] رواه البخاري ومسلم . قال ابن حجر رحمه الله:'قال الخطابي: وإنما قال: يحزنه؛ لأنه قد يتوهم أن نجواهما إنما هي لسوء رأيهما فيه، أو لدسيسة غائلة له' . قال ابن حجر:'قال المازري ومن تبعه: لا فرق في المعنى بين الاثنين والجماعة، لوجود المعنى في حق الواحد. زاد القرطبي: بل وجوده في العدد الكثير أمكن وأشد؛ فليكن المنع أولى.

43ـ القيام بما ينافي الذوق في المجالس:
 فلا يحسن بالمرء أن يصدر منه ما ينافي الذوق، وما يبعث على الكراهة والاشمئزاز، كأن يتجشأ في المجلس، أو أن يتثاءب، أو يتمخط، أو يبصق في حضرة غيره. ومن هذا القبيل: تخليل الأسنان، وإدخال الأصبع في الأنف، وكثرة التنحنح، والقهقهة، والتمطي، والعبث بالشارب، أو اللحية، ونحو ذلك.

44ـ مزاولة المنكرات في المجالس:
 كشرب الدخان، وسماع الأغاني، ومشاهدة المحرمات من أفلام خليعة ونحوها. وكالغيبة والنميمة، والاستهزاء بالدين، وبعباد الله الصالحين ونحو ذلك. فهذه المجالس مجالس زور وخنا لا يجوز شهودها، ولا السكوت عما يدور فيها لمن حضرها.

45ـ حضور مجالس اللغو ومداهنة أهلها:
فهناك من يحضر مجالس اللغو ولا يشاركهم في منكرهم، ولكنه لا ينكر عليهم ، ويظن أنه في منجي من الإثم؛ لأنه لم يشاركهم في زعمه!. وهذا خطأ ؛ إذ لا يجوز للمرء أن يشهد مجالس الزور إلا إذا كان سينكر عليهم، أما إذا سكت عنهم فقد وقع في المداهنة المحرمة. بل قد يظنون أن سكوته عنهم إنما هو إقرار لهم، ورضًا عما يصدر منهم.

46ـ الجلوس على هيئة تشعر بقلة الأدب:
 كأن يضطجع وهم جلوس إلا لعذر، أو أن يضع رجله في مواجهتهم أو نحو ذلك.

47ـ التفريق بين اثنين متجالسين دون إذنهما:
 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا] رواه أبوداود والترمذي وأحمد . فهذا مما يشعر بقلة الأدب، وقلة المراعاة لمشاعر الآخرين، ولأجل ذلك نهى عنه؛ حفاظًا على استبقاء روح المودة بين المسلمين.

48ـ إقامة الرجل من مجلسه والجلوس مكانه:
 فَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ] رواه البخاري ومسلم .

49ـ الجلوس في مكان الرجل إذا قام لحاجة:
 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ] رواه مسلم . قال النووي رحمه الله :'قال أصحابنا: هذا الحديث فيمن جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة مثلاً، ثم فارقه؛ ليعود، بأن فارقه ليتوضأ، أو يقضي شغلاً يسيرًا ثم يعود ـ لم يبطل اختصاصه، بل إذا رجع فهو أحق به في تلك الصلاة، فإن كان قد قعد فيه غيره فله أن يقيمه، وعلى القاعد أن يفارقه لهذا الحديث' .

50ـ الإخلال بأمانة المجالس:
 فمن الناس من يحضر المجالس فلا يراعي حرمتها، ولا يحفظ حقوقها، بل تراه يسرد أخبارها، ويفشي أسرارها. وكم من مصالح تعطلت؛ لاستهانة بعض الناس بأمانة المجالس، وذكرهم ما يدور فيها. فالمجالس لها حرمات يجب أن تصان، ما دام الذي يجري فيها مقيدًا ومضبوطًا بقوانين الأدب وشرائع الدين. ومن الإخلال بأمانة المجالس أن يفشي المرء سر صاحبه إذا جلس إليه، وأفضى إليه بمكنونه، وأشعره بأنه لا يحب اطلاع أحد عليه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ] رواه أبو داود والترمذي وأحمد .
بتصرف كتاب:'  أدب المحادثة والمجالسة '


 qream_alymany@yahoo.com

القيادة في الأزمات

data:image/jpeg;base64,/9j/4AAQSkZJRgABAQAAAQABAAD/2wCEAAkGBxQTEhQUEhQWFhUUGBgaGBgXGBQdHBkbGBkYFxgYHRgYHCggGBsmHBQYJTIhJSkrLi4vFyAzODMtNygtLisBCgoKDg0OGxAQGiwkHyQ0MSwsLC8sLC8sLiwsLC0tLC8vLCwsNDAvLCwtLCwsLCwvLCwsLywvLCwsLCwsLDcsLP/AABEIAMUBAAMBIgACEQEDEQH/xAAcAAEAAgMBAQEAAAAAAAAAAAAABQYDBAcCAQj/xABAEAACAQIEBAMGAwcDAwQDAAABAgMAEQQSITEFBkFREyJhBzJxgZGhFEKxI1JicoKSwdHw8SSi4RUzQ3M0k8L/xAAaAQEAAwEBAQAAAAAAAAAAAAAAAQIDBAUG/8QALhEAAgIBAwIFAgUFAAAAAAAAAAECEQMEEiExQQUTMlFhInGRscHR8BUjUoGh/9oADAMBAAIRAxEAPwDuNKUoBSlKAUpSgKvzlzcuDARVDzPqFvoo/eb/AAOtU+LnPHnzZ4/5fDFv1v8AeoLmCRp8TNK3WRgPRVJVR9AK+8Na29edPNKUuHSPstN4bgxYFuipS73z+B0flTnVMS3hSr4U3QXur/ynv6H71ba/P2MJDh0JDKbgjcEag12/l3iH4jDQzHd0BP8AMNG+4NdGnyufD6nj+L+Hw0+3Jj9Mu3sySpSldJ4opSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClfCwqD5n5iGFQERtIxBOgIRQNy8lrKPTc9tyIbSVstCDnJRj1J2vlcVx3tLxbN5HCj+BEt/3hjWzwX2m4gSRrMVkRnVWuoDAMQCQyWGl76jpWSzRbO6XhmdR3cfia/MGHOHxE0Tfvsy+qOSyn6G3xBqGSQ30ro/tDnwMqqkkg8cEBDHZilzrn6BOpB17a1z/ABXCZ4XytGxBNlZQSrX21G3zrjy46lwfT6DVqeFPJ9L+eLrujBiGsDXZeRcMY8Bh1bcpm/vYuPs1cj4OIWxKR4olIw1n0vqDbKT0W+5/5rvCAWFtulu3SttLHls8zx7PcYY1977HqlKV2HzYrBPPY2G9Z6hcXLaZgewt8Lf63oSlZv8AiHvWWCa+h3FR/jUwkt5VHob/AE/1tQglqUpQClazTXOm1eSaA26Vgw8t9DuKz0ApSlAKUpQClKUApSlAKUpQCsOJlyj41mrQ4qbBT6n/AH9qA+q9eia0Enr349Acu9pvLSQOs8K5UkNnUbK+4IHQGx07j1qo8Lwod9dhb/f612DnDAPisO0MYBdmQi5sBZgSSegAvXjl/wBn2HhX9qWlc6k3Kr8gNbfE1y5MLcvpPe0fiMMeJea7aObNjNSAAPlVj4dxYnBTZwW8ArkNz+fRQddQD9jV3xHJOCYf+yFPdWYH9ar+P5Q8KL8OjFlxOIjGY6FV8pINuwRtfWqLDOHJ1ZPE9NqIqLTTtdfbv/wp2K4ZKqR4qRf2eILWPbW4v2DakegrpPs24540Bhc3kg0H8UZ90/L3fkO9WfEYCN4jCyAxlcuXpYbfC1h9KqHKXLX4aUu0hLIXTKALFCdM3UnQHpV44njmmunc5M2ux6vTyjkVSXMf2/QvNK+V9rqPCFRfGcGTaRSAVGt9AR8eh/1qSLi9rionj04y2voBc/HoKEoisPimkvkUmxse199/nU5wjCZRnY3ZvoB2qhckKzPjH8RmjOJcKp2BQKjn11Ww6eW/U1Ic64x8NDHiIZDHKJEUanI4Y2KumzDr3GtiL1DdKy8Yb5KK7l+rzIbAn0NR3LfFxisPHMBlzXBG9mUlWAPUXU2PapI1JRpp0yKhk0r00taGNcRG1wyk2FtSPQgfrXlJHfRVYn4W+5oCTwT3f5H/ABUlWnw7CFAcxuzb+noK3KEClK18ZJaw70B7MvavPin0rCJK8s9AbqPevVaWFk81u4rdoBSlKAUpSgFYsTAHUqev29ay1hxeLSJc8rqij8zEAa7amgKrxBZIT5gSvRht/wCD6Vrx8QLGygknYC96nOLcSXKjRsjxvexFmUn5HWtfzOh8NlV7aHKLA9LjqKgk8cKl1bzKWBysFYHKRrla2zag29RUuklVbhHCDhDKPEzrLIXF1sVLAFlzfnsdjYbfOpmPEURMqvgk89YZpbajUjUX71r+PWCfE9t6kqRs/M72u8kcX81lI/8A2frVW5glnxLKkMpcPckXKg2t1Fswt8qmjyo0RLYZlJ1NpB5vlMAW/vV63MHwbEyXEphjjJ1AzSsR8WCqG9bNaspR3KjuwZ/JlvSXHuVfhvFuJQnwzG8gXSzqzW7Wdenrc1eF4qEjRp2ELPYBWcat+6uvmPoKl8HgEjUKoJA/eJY/Vv0r7jeHxSqUljR1O6soIPyNTDG49yNVq45+VBRfuu5Wf/UHLqACBuWcFRvcWvqTp671uCaMXlmlGUdWsEU6C5JNr3I0J614bluKI2iEwVvyJLZR/cboP5T8q2MPwlV2jiS5BJs0jEjQEs9tfjernIanAeDYfD4YJFKzglnLEqSxkYsx0GxJ+lRHMCHFzpGscUsMQ/apI7K95LhJEAGhXI9ibXJNtqt4wg/MzN6E2H9qWBHxrxLAoBAUAegt+lu9GTFtOzByxgxg4Vw+YuA0hDEAe8xexA66nX06Vnm4mH0W7HsoJ/StU8QiWwcobbAsBbpoBW/w3jeHkLRxOmeP3oxYMt9jl3se+xqURJtu2U/jWPxC8QwCQZSHEzSq1tFXwxmPXQnYbnSrWha+jkNbcW0+RFvtVU4fg5m4tJI8bqiYZYoiwsrFm8SSx76W/pq2RgpnMlgBtqNra0IMXLfH/HaWGRck8LEMB7rrcgSLfobajcHvoTPVyf2WY/8AEcQxUw2dZSP5TKuT7V1iqwdo1zwUJ0vj8hUbxZrFT8f8VJVHcVdSpUjXv2NWMTT8evJxNRPjNnKDzMBcgdNAf8itnCYZnazOqehIzH0A70JJXhsl2LdFH3NSHiE+larosYVF2Gp9fU1kV6EGa9BKR61iz14Z6A3la9fa1cDJe47f5/4raoBVM9prZYYWOwlsf6kax+33q51WPaTw8zcOxAX3o18Vbb3jOcgfFQR86A5DK7RG8MmWNmDMt7KG1s1tutqtPBOOSMgddbbiuYy8QLRsp6i4+Wv+Ku3IT5kb4/r/AM1R8M6Ivdjd9qLuvEfHjsjWa436HqCK9YgSRkgecDtv6Er9fpVI5mxT4Zs8QuSGFrkalbK1hq1mym2nXUVM8l8TYR5ZMQss7HO+QG0YYABMxFmtl6d+u5sY0TcOMdtArfQ1kDurAkqLfvAm3/cBUxhJy35z/wBv+BWonAE1M7NNdiRnY2ysbqpRbK1r2uRewF6MmNJ8kUOZZYZfDmVJgxAUwFfEAJABaIt5l11YEfCwJq4QvpWtHhVRCI0VRY6KAB9qx4aa4FERJ2SoevpatRZK9GWpKnqZ6rnL3PWCxZyRzBZdjFL5HuNwAdH/AKSal8TNpVa5j9meAxYztH4EpFzJDZbncllIyt8bX9aAt+KxCRI0kjBEQEszEAKBuSTtVV4jgVxwGJwGLVyBbIzeJA9js0evhv8AxDXuDVY5O4FIqN+Jxj4nCK//AEqPcLJl/wDnIbN5FNygN1JVW2ymrOvKSAK0GaJ7XzRWQ6m+qA5W33UgelAZeG4PEBf/AMWONm9/9qmQ9NAgbMNBuoqfEeWxCeYC2mUafEkaVF8r42d2mSVklSIhRKotmb8y9jbuAKsFCTAqu1ibLY3te9QvOPAJsXC0cOKMJbRvICGWxuunmW/cGp+WVVF2YKO5IA+9YkxIb3b27kEX+FxqPXagTp2Vn2c8mHh6u0kgeWQAHKPKoUkixOpJuL/AVdKxq1es1EklRM5ubtmtxLFyRoWjj8XLqVBsxH8OlifTSqtFzfh5CAxaMk6+ILD5sLgfO1XBmql848GhEcs6xOXAdz4dzmIW4GWx1JA270KlZ5Xwfi8W4hiY5D4anwmA/O1kuL9gY+mpuOl73zwUYZGUFTuCARUVybw14YSHa4bXLkQFSRr51JzAHa9TODgsGbMCL2sRYi36jY0JMWHBjJUuzAe7mNyq9FzHVgDm1Nzr6VupNVKTHyScXeCMgr4SggnQFFeS/ofOB8xU/LM0ZyuCp9f961Cdl5xcavvyTPjV4eaoZuIgda2cBDJOdAVTqx/x3qTMm+Eahm7m30/5qQrxDEFUKNhXugFfHUEEHUHQivtKA/OHOfKckGKkSJPJe4seh1XTtbr6elZPZ5jgrMpPT9NP8V0X204Ufh4piDaNyrFSQcrja41tcVx2LhBCiSOXL13Nx9N6zySSqzs0uGWRS2lx5o4jknXYq8ex9Ga/6ioETGFxJETlO46r/wCKhsdiHNs8hcjTUAW+nwrxHjDYi+4qyakjKcZYZ0dX4Lxl2HZ00YHuOlWTAccEgKtoRuD/AL+9cz9n0xZjc3J1N/if9KsHNoaGMzR3zIL2G5A1K/MXqIk5kk+P5Zf+GgBCZJHYXJBJAsBsLix2qNGKAUSJrC+qOCCD8xWHDcQwMcgSfGxyq3uqR5TfQZ2F1O/WwrlXIsmITiUmGhl8OEPKZIyA0bJGxGXwzpc3AuLHr0tVznOyR8RHevTY8VqLwLxPNEwXutzp+pFbC8ECAtLILLqdbCw3uTsKE0RvFOM5LZY3mckWijDFmFxcXAIXS+rWHrWxjcU2OJhRGGHQf9TewaR7A/hFINiBf9owJH5ATdrZcfxjwm8NFAUr+U2YX0uD313qrck8tYnB4xVjxUkuCcMzIwuVc6gMWGW9yblCDfcChBdYo2ADgKr5SoUi2UdAuwZRpYfeoLFY7EvM2EScZrK2ImsFGHjNyUAHlEriwAucoBYnUVG4jnWOeZ8PDCw4hDK8S58xjTKzRtOWGhQC5ykAklfjVt4DwCHDIAB4khJaSV9XkdtWck7E+mwsKrtt2y27ijnfEfZ9ioZmn4PjJszG5VzlW3QCSwSUdACp+NSfL3M/F/EEOOwUoVSA88SoLXNsxJJRlAuSUrpd69CrFTWwkEWjpZz0fNnPyckm3pesby/tGHa36CskuBQksLo5/Ohsfn0f+oGovGh45AXbMG2a1ttLHW17dRYegoCYWSveeo2LEXrL41AbTSVo4yaw2v6UkxFRU2JnMsQhhEiEnxXZsqxrpqDY5n1923TW1AbsNyLAEfSq1zvJxGKENg0VkGYyAKWe24YC/m63tc7aVdowOmvwr3K+UE2JsCdPTpQlOnZzD2I4VpJ8RipCWIXLmPVpDmb5gRj++rhwnj0WMebJE5RJGTPJlAcocpyDXygi1zbrX3mPiK4TDuMKEWSZ7KAAM0sumY237n0U1tcvcMWCJEGyqBc7nuSepJ1v61WKpUXyz3ys+zxQRftJFREXVnY6KAL3106Vu8B5nwuMLjDShzHbMMrqQDsQHUEj1GlUf2s8SAwxiX3pLL9SKh/ZNGVxenXy/GyMx/36VG76qNFiXlPI/sjtNKUq5zilKUBhxeFSVGjkVXRxZlYAgg9CDvVRxns14ay5REYv/rlkXf0zWPzFevapLiFwX/SiYvnF/BVmOUK2hVQTlJtqNutcu5p4TDhsFh5cRJMcbPGr+A64eyFgCxcNDnUA6WJvfTobCU2uhgHBsFDPxbD4h1XwlX8PJIbupDZsqnqzKyg2GwqoYuExtlJFx2/WrxwX2T4zFRCaVo4Swukbhg1ulwosl+xBI00FaXG+WJ8JkTGRK5a4jZXXUKL+9YaDbUDpQdTF7PMRaa3cH7EH/NdPxkYYd64jgcc0EudVtr7t9h2v1q6Yfn4WF43J7AVmpJHVPFOSXHYy8R5aMceZ3Fi2VVy3JvewGoGw+1Q3CsCsOJWYTssik3DoAGDbjMGO/c9aczczviEQGNowr5gSRf3WGw161GniedQJNxs3WrJ2uDFxcJVNHY8BiY5LE2NWTBSKRYAD0rh3LvF3RrA3t07/AAroWA4ozKHjIOm3eoT5pl5wTW6L4LBxbgpZ/ERtwAQfTY1tYcNlCbsBYfKtHhvGhILddiD+lq3OWcJ4AlvIzqzkoG18JSB+zB3K3uRfYWHSrmBmlwaI7SeGokYAMwUBmtsC25rNAdKjMRzBBPiDho5ozJH7yBhm22A62vrbapeGK1CDMteZ5lRWd2CogLMxNgqqLkknYAC9egK+SxhlKsAVYEEHYgixB9LUBBtzpguk2e4uPDjne47gohFamM5qw0qlRHiX7ZYWU36EeJl1qP5e4bJGZsA2bLhyrYaYi4MEhOWMsd2Qqy27Wq2R4FU237nf69KAqEWLlC5mjkQXIs6gNp3Ckj6E1kXjBOgBJ9AatDHL7tvnrWucQ37qD11qC1EVEHYjxSYUP5mBsfS+yn+YjfrVnigCoFTQdPX496jIwoN+p39a0OKcVwuEQu8/4fsF1zncgQ2IY9yoB13FSQ0TOJwr6tGoz201sp/m0ufpWDCcd8NvDxQWKRr5RnBzgDdToT9K5rxT2m4uZSuFQRLqPFI8zDuqMSE+rfGtDl3iawP402DGJxF7+NNKzMO1lZSFtfca0IOrcQ4ZFNNDPfWPMcotY5ran+IZbX7M3evnFOJBBYasdhVN4VzDNO0rRxiOPMMiXJt5Rm17Zr2FqmIICbs5uxoSjnPPOLZsRGCb2Bb51ZfY0WlxMrm2WINt+85VV+yyfWqlzqR+MP8ACv6/8V1D2KcOEfDxKR5sQ7MfgpKKPsT/AFVnH1M7MzrTwXy/0L/SlK0OIUpSgPhrkPs8gTH8RxWIxgzT4dgVS4aMasoYHc5cllBAtvvt1+tXCcOiiLGKKNC1yxRFUtdixuQNfMzH4se9AbVUz2n8qyY7DqICBLESVDGwYG11v0Og+/xq51U+b+e4cDIsTozyMoYAaCxJA11JJKnYGgTo4/ieXMdBEvj4GQADdQku3/1FiPmKiuG4SfFS+DhYmeQC5UWQKBYEsWtbUj11rpeI9sBU64PT1ldT/wB0QH3rm/Eucplx+JxmE/YviFyn3XKAiMNY2te8dwbday8mN2d/9RzbdvH3JjmH2dYrC4VsRPLDddTEhJIFwL5mtmtfUAfWqPmqXHBJcX4Lw4hMXiJTZ1aQ+LGf4vHszL/EtwPoa0OI8PkgkaKRbMhIPxBsfuLVoklwjjnOU3cnbPmExjRsHQ2ZdjXT/Z62aAX11P8Ar/muTiuo+zCX9kR2b/8Alah9UaY/RL/RJcaikinjeEgXNmBvZgATuNjpvWjzTzrLHAY40KNJoZLjy97etW3imGzI2X3rafGojC8pGQ/9WqSRkHyqzAi48pVrAhgetWMWcZtrm/MDe/W/e/erXwj2iY/D2AkEyD8swLaejghh9TU9jPZdbMY5za5yhlBsOgLC1/jYVz7G4VopHjf3kJBoQdV4X7ZojYYnCyRn96JlcfGzZSPvVp4d7Q+HTEBcSqsxACyK6Ek6AeYWvf1r864raseCYhgQdVIIPYg3B+ooD9M4riwUk306VG4fmISOUTXLue1cZ4tzniZFy3VdNWF7n4dBWtyvxbwA4YsFdgWy+81g2lz3JFzUFk0juGN4/FH78gB7bn6DWofEc4xj3Y5m9Qlh9yK5/JzkV0ghRf4m8xqKxnMmJk96U27CwH2qKL+YuyL/AI3n5LWEcin1y/4NVjnGb8YsBS7FWbOLG4UgHva11t31Haqq8zHck1n4diWWRLE6so+pAqUijlZ0HhPKLOgzPk/lA/zp9qsGH5PQDWRz/b/gVC8X5nbDyrCmW+XMc+YDXYAgHsaxNzhiz7kULfCb/BUVV5Ip0zeGlyzjuiuC48M4MsIsNq2cTKFU3rnM/OXEBvhgPUZm+4FQHFuYMXOMsjZFO6qCL+hO5+FVeWJpHQ5W+h85vmDSF0bO0y6AdPO6Kvx8pP8AUK/R3AeGJhsPFBGLLGoHz3J+JJJ+dcU9n8TSYnCYUxXMMv4lnyglEVHGUtut3KG38Nd6q0Ol+5nqm9yh/jwKUpVzmFKUoBSlKAVRuafZ2uMx0OLbEMojMV48im4iYsArXBW5tffr3q818e9tN+lAcr9sXNTi3D8Lcyy2EpXVrNosS/xNcX9Dbrpu8meynDQ4cfjY1mnfVrk2jv8AkWxGo/e3ve2lRHsrhSbiGJkxGSTERgsrK6sAXZldioJKORYAHUAkd66/QHL+N+xnDv5sNK0TbhZB4iC3Y3Dr8cxrm/NHC5cPO2HxEmaUKGzhy/lIyi7EBtQNjqN7m9fpiqTzxyTh5hNjAjjErGTdWbzZFNgU2PlFtBfQUJXyfn2Th7qCbXUdQRVv9nvFkizKzAZrEfcVVQiuxWwGXqN9ddfrWVeFAncfOsJ5UnR6Wm0U5xtdGjtS8bhAuzqB6kVrYjnvCjQSBrdF1/SuQjCRjcZiK2MKryaQRM/S6KbD4ttf03qPNk/SjaXh+PGryzo6bgucVnlESAi4Ju2l7a2A3v8A6VI4jkDD4/DhzeKe72lUb2Y2Drs4+h9apPKXApEmEswbMtwFsRlJFiTfW9ie29XaEzID4csiAm9gdPobgfKto3XJ5mfy939u6+TjvOPLk2BlMM2UmwZWU3DKSQD3GoOhqF4fEzMFUXZiFUdyTYD6mus8y8COJYSTO0jqAoLH8oJNtLaan61IcN9mcU34XFQE4azq7xEF1Phve6FjmXNkvqT731sYkHLynCYgoQXA1PUnrr8ao3HeGfh5BH6X+5H+KtmB5xK4hxMAImYhSL+Wxt5vj17Gof2huDiVKm4Makf3NVYyT6GuTFLH6is3r5evNL1YyPV63uBRZ8TAo6yJ9iCfsDUfVs9m2CzYppTbJh0LsxIAXN5VJJ0A97ftQHS8Fy1Bi574mJGjjQkhrhteotqAPj1rkmKx+COKkyRSDC5yI2gkdZAnRrTl1bvay/EV0ib2hwYds8KPOwBAIISO/rI+/wDSDtvVBdZsVJO2FwCD8Tq3hRTShdcxyO3kj82t1t9NKEqTXQ2cLw7xsfFhcBi3eOVQRJIuqnIzsGVbajLbpvVtPs34pnVTPhzHfV80tx6+GV1+GaudpBieHzjxFlw8uU5WvlNm0uGFwR0Nu5rpHDuGcdyrIkjSKwBU/igQQRcHzAiqPHF9jeOqzR6SZ0zlzgEeDiCR+Zjq8hAzOe5I6dh0FS1cjg9oGMwuLTC4yO7kpdQ0LEBzYHMgUA211vpbvXXKuYNtu2KUpQgUpSgFKUoBSlKA18NgYoyTHGiE3uVVRe5LG9h3Yn4k1sUpQCvE0qqLswUdyQB9691wT2pO8/GVw4U2LYeJcyBv/cylmS67WfvujfIC88U5L4NNK0heOOR738PEBdT+bJmtf0tb0qgc88nnARLPFiVniaQIAQMykqzAlkOVvcPQb1ZZ/Yw35MYvwbDr+qv/AIrl3MfCPw2LfDKyTSKQpaNWHmP5LdTew+OlVcU+prjz5Mfok0Rrzs5bchQSbA7Dc/AdzXf/AGI8QMvDQpVh4MjoGJBDfm8tgNAGA17bmuUYDD8T4UzOIWjWRcriaJZIyu+VnW9hrqLj12roHKPtTjVFjxOFGHQaLJh7NCPiq6x/AZqlJLoUnOU3cnZbTwOVXcgBszM1wR+Yk6g9dayrwWRtwFHqb/YVO4HGxzIJInV0bZlII+1bFSVInC8vxLqwzn+Lb+3b63qsc2NK0xjZmWMWyKCQpFt9Pe1vvtV9rV4hgEmWzjbYjcfCgPztzZwrw5jb3ZQWX4/mH1sf6qq0+bQMSQosL9BvYemtdu9oXLUfgtlnTxox4iRNlDuF94L5tSRfpuBXLR+GlGrlG+RH00IrnlcJWj18GzUYdknyiByjoa+rcX21qUn4VCASJwf6D/rXwQoFS40sNhqa0jk3I482keOSTfUj8NFcgAX+V/t1rsnMPK/4fgrLwxGlM5jeZsuaSRND5VA0tp5QNBmtrrVO5f5SxmJIEGHaJDvLMCigd/MM7fIa9xXeeB8OGHw8UIYt4SKuY7mw1NunwpByfVEajHixpKErff2KR7LeVVGFWXGYVBOzEqZVvIE0y5g/uG99LDS1dEVQNBoK+0rQ5Soe0vlIY/CkKB48V2iPc/mjv2aw+YB6VA+xXj5eFsLITnh1S9wcpNitjtY9Ol/Sum1wjA8ddOYCfAMWfEsjRKCXOYFM9trN5ZDbpci+5A6lxPkbBz4tMW8Z8ZGVyQxAkKABM67HLlW1rbC9xpVlpSgFKUoBSlKAUpSgFKUoBSlKAV4aMEgkAkbEgadNO29e6UBA878d/B4OSUe/bLGO7tt9NT8q5h7GeUjLM2OnBYRsfDzfml/M575bn+o91qY9skkxkgRUzxrG7mzICrXAzEOQGsLWF++1dH4Jg44cPFHCLRqihb72te5PUncnuaA3SKrPGOQsFOS/heDIf/kgPht8wvlf+oGrPSgOGezniBi402GjLNEWxERPu5/CDWkeNfJe8RAIA94fCu51ow8HgWXxlhjWUhgXCKGIY5m1A1udTW9QClKUBwjnfl3EYrjUsaxuqSNGviGKRkH7IHMX90e6dARtVf43wDHcMe8kUbR33kjSaB/S7r+zJ7HKT3r9KTSqilmIVVBJJNgANSSTsK4b7RvaRJic2GwV0w58ryEeaW+llBHkQ/3G/TqBRuM8TixEySDCxwKFVZIYfKrFWYuykDylgbX1tbrWzy7Fimn/AOk8USWICw+Z1Vu76CPa2YkVN4H2U458KZgqqSLiFiRI4HXsh7Kfnatn2d88ScOY4bEoTBnIPltJE3W4tdh3U69j0oDb9lXMch4iI5ppSJA6ZZJXdmcAkXVidsragC3wvXdqh+C8KwYZsVhoog2I8xlQC731vf1vr671MUApSlAK1Dw2HxfH8KPxrZfEyLnt2z2vb51t0oBSlKAUpSgFKUoBSlKAUpSgFKUoBSlKAhePcq4TGMjYqFZTGrquYtoHy5tjv5BY9Nbb1MRoFAAFgAAB2A2FeqUApSlAKUpQClKUByrnvjjYrENgosz5HyeChGaaQAMS19FjUdTpcE66WneSvZ/Hhis+ICyYncWHkhv0QHdv4zr2tVVwPsuxScT8ZZESCObxkkBu5BfP4eXobEqSehvre1dioBVP555Eixw8RMseJAsHt5XHRJAPeHY7jp2q4UoDjHJfGpuGzNh8QrLEG/aRtqYixsJUP54z3G/x37LFIGAZSCCLgjYg7GuJ+2TCYr/1COQJK8RiCR+GHIuSc6MVBszE7dRa21dZ5VgkTB4dJlCSLGoZRaykD3dNNBp8qAlaUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUApSlAKUpQClKUB//2Q==


المبادئ السبعة للقيادة في الأزمات


  
يحتاج القادة في اقتصاد اليوم المتقلب إلى أن يصبحوا أكثر مرونة في التعامل مع الطلبات الكثيرة لوظائفهم والطبيعة دائمة التغيير في عالم الأعمال.
 المبادئ السبعة التالية ستساعدك على تطوير وتعزيز مهاراتك التفاوضية، كي تكون أكثر استعداداً للتعامل مع أي أزمة أو تحدٍّ يواجهك.

1- وضح اتجاهك

الاتجاه هو المكان الذي تود أن تصل إليه، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني. وهو يوفر الهدف والطاقة والأمل، إضافة إلى معيار لاتخاذ القرارات. يوفر الاتجاه الواضح، شخصياً ومنظماتياً، الطاقة اللازمة للتغلب على العقبات المشاكل. إن ضغوط العمل والحياة تؤدي للأسف إلى انحراف الكثيرين عن الاتجاه الذي رسموه لأنفسهم. كي توضح اتجاهك تخيل كيف تريد أن تكون حياتك وعملك بعد خمس إلى عشر سنوات من الآن؟ ما الذي تفعله؟ ومن يتواجد حولك؟ أين أنت؟ ما الذي تفخر به؟ ثم قم بنفس العمل لمؤسستك.

2- تغلب على ضعفك

أحد أكبر تحديات القيادة: على الرغم من أن القائد يريد أن ينظر إليه الآخرون أنه قائد متميز يملك إجابة عن كل شيء، لكن الحقيقة: أن القادة لا يعرفون كل شيء. لكنهم متعودون على العثور على الإجابات والحلول ثم مواصلة التقدم. يتطلب العثور على الإجابات والتغلب على الضعف شجاعة كبيرة. من الطرق الجيدة لدفع نفسك في هذا المجال أن تسجل في مشاريع تجبرك على التوسع وعلى تعلم مهارات جديدة. اطلب من أعضاء فريق المشروع الآخرين أن يحاسبوك على نتائجك. استخدم هذه التجربة لإجبار نفسك على النمو والتطور.
يصح استخدام نفس المبدأ للمؤسسة نفسها. ابحث عن طرق لتوسع المؤسسة. هل هناك مخاطر يحتاج العمل إلى تحملها؟ هل باستطاعتك تطوير خدمة أو سلعة تقدمها حالياً؟ هل هناك قضايا تطويرية تحاول تجنبها؟ دع اتجاهك يطور إمكانياتك.

3- أعد النظر بقيمك

من ستكون لو فقدت منصبك ومكتبك وسيارتك؟ يشعر بعض الناس بالفراغ عندما تزول الإكسسوارات الخارجية. لقد انغمسوا في العمل لمدة طويلة لدرجة أنهم نسوا ما يؤمنون به! وما هو المهم حقيقةً بالنسبة لهم في الحياة.
تلعب القيم، التي يمكن أن تشمل أموراً مثل الأمانة والاستقرار المالي، والعائلة والعمل العام، والأعمال ذات المعاني الخيرة، والإبداع والتطوير الذاتي، دوراً رئيسياً في تحديد هويتك وشخصيتك. عليك أن تبقي قيمك واضحة ومحددة، كي تبقى صادقاً وأميناً مع نفسك عندما تواجه مواقف تتطلب قرارات صعبة. كما أن عليك أن تنظر في كيفية دعم سلوكك لقيمك. فهناك فرق بين أن تقول إنك تقدر الصدق، وبين أن تأخذ موقفاً أثناء عملية اتخاذ قرار يفيدك فلا تصدق فيه. عندما تتفق مبادئك مع أفعالك فقط، يصبح بإمكان المنظمة أن تنمو، وتحقق نتائج هامة وملموسة.

4- كوّن عقلية تحب التعلم

كيف تتعامل مع المشاكل والمصاعب؟ هل تنظر إليهم كأعباء ومضايقات؟ أم كفرص؟ تكمن أهمية هذا السؤال: في أن نظرتك إلى التحديات تلعب دوراً كبيراً في نجاحك المستقبلي.
قياديو ( لا يا ربي ) ينظرون إلى كل شيء كهجوم عليهم. لذا فهم يقضون وقتهم في حماية أنفسهم ولوم الآخرين. أما قياديو ( حسناً، لا بأس) فهم يتعاملون مع التحدي بجدية ويقومون بما يلزم، لكنهم يغفلون عن الفوائد بعيدة المدى للتجربة والخبرة المكتسبة. في حين أن قياديو ( يا للروعة، ممتاز ) يواجهون المشكلة باهتمام ورغبة في التعلم بدلاً من إطلاق الأحكام ولوم الآخرين. إنهم يطرحون أسئلة حول ( لماذا؟ وكيف؟ ) كي يستغلوا الحدث كفرصة لتطوير أنفسهم. مثل هؤلاء القادة يسألون أنفسهم دائماً "ما الذي يمكن أن أستفيده؟ أو أتعلمه من هذه التجربة؟" اسعَ لأن تكون من هذا النوع من القياديين.

5- حافظ على العلاقات وطورها

يدرك كل قائد التكاليف العالية لفقدان الاتصال والتواصل مع زبائنه. لكنهم قد يتجاهلون بعض العلاقات الرئيسية في حياتهم الشخصية. خصص وقتاً للأسرة والأصدقاء. ثم اخطُ خطوة أخرى للأمام في مهارات بناء العلاقات عبر تشجيع موظفيك على أن يحذوا حذوك. شجع فريقك على أن يحافظ على العلاقات مع الزبائن والممولين والشركاء. كن موجوداً عندما يحتاجك أعضاء الفريق لإظهار أنك تقدر العلاقات، وأنك موجود ومستعد لمساعدتهم.

6- زد معرفتك ومهاراتك:

من المهم جداً أن تطور مهاراتك في التواصل، وفي حل المشاكل، وفي التكيف مع الظروف الطارئة والمستجدة. تشمل الفرص التدريبية المفيدة كيف تقود التغيير، وكيف تفوض المهام وتقوي الموظفين، وكيف تتواصل بفعالية. إضافة إلى ذلك خذ بعين الاعتبار استكشافَ مجال اهتمام لك مثل الشعر أو الفن.
شجع التعلم المستمر في مكان العمل. سوف يحتاج الجميع إلى معرفة كيفية تغيير وتطوير مهارات جديدة مع كل إضافة، أو إلغاء لطبقات، أو أقسام إدارية وتشغيلية في المؤسسة. بعض مجالات التعليم لا تتطلب سوى إعطاء أعضاء الفريق الوقت للعمل معاً. فيما تتطلب بعض المواضيع الأوسع الاستثمار في التدريب لقسم معين أو لكل المنظمة.

7- خذ زمام المبادرة:

تتطلب المبادرة باتخاذ القرارات، والتحرك للأمام - رغم الشكوك - شجاعةً كبيرة. وضح وحدد أية قضايا قد تكون تتجاهلها، ثم واجهها وبادر بالعمل على تجاوزها. إذا ارتكبت خطأً تعلم منه، وواصل العمل والتقدم. متى ما بدأت في الخطوة الأولى فإنك تبدأ دورة تعلم لنفسك ولمنظمتك، فتستمر مع تطورك أنت ومؤسستك.
إن المنظمات لا تتغير حتى يتغير قادتها. ولا تستطيع أن تصبح قائداً أفضل إذا كنت لا ترغب في مواجهة عيوبك ومخاوفك ونقاط ضعفك. وعندما تطبق هذه المبادئ السبعة للمرونة القيادية على نفسك وعلى منظمتك، فإنك تحول التحديات الحالية إلى لبنات في بناء النجاح المستمر والمتواصل لنفسك ولمنظمتك.

 qream_alymany@yahoo.com


بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا