السبت، 4 فبراير 2012

الفن العراقي بين الأصالة و المعاصرة





الفن العراقي بين الأصالة و المعاصرة

الحضارة العراقية و تراثها على ضفاف دجلة و الفرات منبع الفن العراقي الأصيل الذي كان يطرب السامع متأثراً في موقع بغداد بين نهري دجلة و الفرات و رائحة البرتقال على امتداد ديالى و أصوات أبناء الجنوب العذب المتأثر في اهوار الجنوب و صحرائها الواسعة و بساتينها الخضراء و نخيلها الذي يعانق السماء و كروم العنب و الرمان و تنوع مناخها, و تركيبة المجتمع العراقي الذي يمثل أطياف الضوء في تنوعه و القوميات المختلفة و اللغات الخاصة بكل قومية .
و تراثها العريق و حضارتها الممتدة على مدار التاريخ ,و جبال شمال العراق الشامخة ذات الربيعين كان السامع يسمع صوت الفنان العراقي الذي يحمل دفء الفن العريق, و الذي يعكس حياة المواطن العراقي في كل مكان و يصفها بدقة تشد السامع لاستخدامه الكلمات الخاصة بحياة المواطن العراقي على اختلاف شرائح المجتمع في البادية و المدينة و الريف .
و هنالك نماذج مختلفة من الفنانين العراقيين من أصحاب الأصوات العربية الذين ساهموا في رفعة الفن العراقي مثل الفنان ناظم الغزالي و سعدون جابر و الياس خضر و حسين نعمة و محمود أنور و كاظم الساهر...الخ.
و الفنانين أصحاب الكلمات المعبرة , و المقامات العراقية التي كانت تصف الحياة بكل تفاصيلها و بدقة متناهية و فن جميل,   كان المسرح العراقي يعقد في المقاهي البغدادية, و كان الفنان يعكس تجربة أمام الحضور و النقاد بصوت يطرب الآذان و مشاعر يشترك بها الجميع .
إذا نظرنا إلى الفن العراقي في أيامنا الحاضرة فانه يخلو من الإحساس بالذوق الرفيع لأنه؛ يعتمد على العرض بطريقة تشوه الفن و تظهر المفاتن بطريقة غريبة عن القيم الأخلاقية الرفيعة التي عرفت بها المرأة العراقية,      و تسحب الفنان العراقي من بين صفوف الفنانين العرب الذي كان دائما في الصدارة,إذا كان الفن العراقي يحمل فيه الكلمة,و يعكس اللحن الذي عرفه الفيلسوف الفارابي عندما صنع الآلة الموسيقية  التي كان يعزف بها فيفرح الحضور جميعهم, و عندما كان يركبها بطريقة مختلفة و يعزف بها يحزن جميع الحضور,و إذا أعاد تركيبها بطريقة مختلفة فانه ينوَم جميع الحضور,صاحب هذا العقل العراقي الذي أبدع في فلسفته الموسيقية يستحق ان يحافظ على تراثه الفني.عزف للفن الذي غنت الأجيال كلها عندما سمعوا صوت الفن الذي كان يغنيه الفنان فاضل عواد و سعد البياتي      و فؤاد سالم بكلمات الشاعر كريم العراقي تطرب السامع وتريح الاعصاب.
تعكس تجربة العراقي الذي يصف حياته بطريقة مرهفة الإحساس, و بأسلوب يحير العقل, و تشد السامع للمتابعة.
إن الفن العراقي الذي يعرض الآن على الفضايات بطريقة هاجنة في أيامنا الحاضرة و بأسلوب راقص يسيء  للمرأة العراقية و يبعد الإنسان العربي عن الفن الذي سمعه من أصوات الفنانين العراقيين الذين غنوا الكلمة العراقية التي دوت في ليالي المربد و سماء بابل مدينة النخيل واحدى عجائب الدنيا السبعة حيث كان مدرج الحدائق المعلقة يعرض بها الفن و الذوق و التجربة العربية الذي يفخر و يفتخر بها كل عربي , و الصوت العراقي و بكلمات الشعراء العراقيين و الموسيقى العراقية كلمات لها معنى .
خالية من الاستعراض و الرقص و الاستخفاف بقيمة المرأة التي مكانها ليس الاستعراض و الرقص بطريقة مخجلة و إن المرأة العراقية أبدعت عبر التاريخ في مجالات الحياة المختلفة من العلم و الطب و الفلسفة و الفن و بأسلوب يضعها في مكانها الذي يليق بها .

نرجو من الله أن يتعافى الفن العراقي و أن تحل الأزمة العراقية, و أن يقوم الفن العراقي بدوره العربي الأصيل بعيداً عن الخروج عن سرب الفنانين العرب أصحاب الأصوات الرفيعة و الكلمات المعبرة و اللحن الجميل, و أن يأخذ دوره العربي الأصيل كما كان سابقاً؛ فن يعتز به المواطن العراقي و العربي , و يعكس معاناة الشعب العراقي في ظل ظروفه الحالية, و ليس يعطى صورة لمن يشاهده الآن بان الفن في واد و الشعب العراقي في الواد المعاكس, و لا يوجد إحساس مشترك في القضية العراقية, و معاناة الشعب العراقي, و التجربة الفنية التي يجب أن تكون صورة تنقل حياة المواطن و ما يعانيه من أزمة الحياة و ضنك العيش ,لان الفن هو صورة تعكس إحساس    و مشاعر المجتمع و ردود فعل لطريقة الحياة لا يستطيع وصفها إلا أصحاب الكلمة الصادقة و الصوت الجميل      و اللحن الرفيع بصورة منسجمة يعجز اللسان عن وصفها .

الدكتور عبد الكريم علي اليماني
Email:qream_alymany@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا