الجمعة، 11 نوفمبر 2011


امتحان الثانوية ... قلق الأهل دون مبرر

قبل يومين جلست مع صديق لي طبيب ... فقال :هل يوجد لديك أبناء سيتقدمون إلى امتحان الثانوية العامة هذا العام ؟؟
فكان جوابي له لا , و لكن نحن في جهاز وزارة التربية و التعليم جميع الممتحنين هم أبناءنا ,
 فقال لي : و هل تمرون بنفس التوتر الذي تمر به الأسرة . قلت له : نعم , ولكن توترنا هو من نوع آخر و هو توتر مبرد .
فنحن نبدأ نعد العدة لهذا الامتحان منذ اليوم الأول في العام الدراسي, من إعداد الغرف الصفية و تامين الطلبة بالمعلمين المؤهلين و المدربين ذوي الكفاءات العالية , و تسليم الطالب الكتب المدرسية, و حريصين كل الحرص أن يأخذ الطالب المادة الدراسية التي سيتقدم بها للامتحان ضمن خطة دراسية يضعها معلم المادة,     و خطة إشرافية يضعها مدير المدرسة , وخطة متابعة , و إشراف من قبل المشرف التربوي الذي يشرف على المعلم , و يحرص أن يحضر مع الطلبة لتقييم المعلم و توجيهه و إرشاده و الأخذ بيده , و هو يعطي المادة الدراسية المطلوبة منه.
و يقوم العاملين في مديريات التربية و التعليم بزيارة المدارس و تامين حاجاتها من اللوازم , و الأثاث ,         و المستلزمات التي تسهل العملية التعليمية حتى يتمكن الطالب من متابعة الدراسة في جو مريح , و بعد ذلك يقوم المختصون في مديريات التربية من تسجيل الطلبة وإدخال أسمائهم على الحاسوب , و حصر عددهم ,     و تأمين ما يلزم لهم من قرطاسيه ومواد لإنجاح الامتحان, وهم في فترة الامتحان يعيشون فترة طوارئ مجندين كافة الإمكانات و الطاقات البشرية المتاحة لتقديم الامتحان حسب الأصول , و في الوقت المبرمج لهذا الامتحان, و حسب خطة مديرية الامتحانات و الاختبارات في وزارة التربية و التعليم .
فقال لي صديقي : انتم تستعدون للامتحان منذ العطلة الصيفية,أي قبل بداية العام الدراسي ؟
فقلت : نعم ,فحصيلة امتحان الثانوية هي خبرة عملية و معرفية متراكمة منذ دخول الطالب في أسوار المدرسة من بداية جلوسه على المقعد الدراسي في الصف الأول الابتدائي منذ نعومة أظفاره ...
فعلى الأسرة أن تستعد للامتحان مبكرا و أن توفر الجو الدراسي الخالي من التوتر و التشنج , و الانفعالية الزائدة 
دون أن تنقلب حياة الأسرة رأسا على عقب عندما يصبح أبناءها في بداية الصف الثاني الثانوي , و تنسى الاستعداد لهذا الامتحان في السنوات المبكرة , وتحضر ابنهم نفسيا و عقليا لهذا الامتحان .
ومن الأخطاء التي تقع بها الأسرة في مثل هذه المرحلة تكثيف البرامج الدراسية و إعطاء الطالب كمية كبيرة جدا من المواد الدراسية  و بأساليب مختلفة ومن معلمين يختلفون بالقدرات و الأساليب التدريبية        و الإمكانات والمهارات المختلفة.
و تقوم بعض الأسر بالعزلة الاجتماعية لها و لابنها بحجة أن ابنهم عنده امتحان توجيهي و عدم الاحتكاك مع المجتمع المجاور و عدم استقبال الضيوف أو زيارة احد خوفا من ضياع الوقت على ابنهم .
و من الأخطاء الشائعة التي قد تقع فيها الأسر دون قصد هو شراء جميع الدوسيات و الملازم الدراسية          و الأسئلة المقترحة, و تسجيل أبناءهم في المراكز الثقافية التي تهدف إلى الربح , و تحميل ابنهم أكثر من طاقته العقلية , فينعكس على تحصيله و على إمكاناته و قدراته العقلية , و بالتالي تدني معدله .
و هنالك بعض الأسر تجعل من نفسها ضابط خفر على أبناءها ,حيث أنها تقدم قائمة من الممنوعات منها :
- منع ابنهم من مغادرة البيت بحجة عدم احتكاكه مع احد من أقرانه , و بالتالي ينعكس على معدله , وعدم احتكاكه مع أقرانه خوفاً على تحصيله الدراسي.
- ممنوع مشاهدة التلفاز خوفاً من ضياع الوقت .
-ممنوع سماع المذياع أو قراءة جريدة ,- ممنوع الرحلات أو الزيارات الخاصة ,- ممنوع الجلوس مع الأسرة أو التحدث معهم , و المشاركة في قضاياهم أو حتى إبداء الرأي .
- ممنوع تناول الطعام مع الأسرة و الخروج من الغرفة المخصصة للدراسة.
- ممنوع فتح النوافذ و الجلوس على الشرفة أو الصعود إلى السطح , و هناك قائمة طويلة عريضة من الممنوعات و جميعها تهدف إلى المصلحة الشخصية للطالب من وجهة نظر الأسرة .
و مصلحة الأسرة في أن يتقدم الابن للامتحان و يحصل على معدل عالي يدخله كلية الطب أو الهندسة أو كلية  يطمحون أن يدرس ابنهم فيها .
و نسيت هذه الأسر بان امتحان الثانوية العامة امتحان عادي يقيس قدرات الطالب العقلية الطبيعية ..و على الأهل احترام قدرات أبنائهم  العقلية و عدم تحميلهم أكثر من قدراتهم , و ليس هو امتحان يقيس  قدرات خارقة بحاجة إلى كل هذه الممنوعات و التوتر الزائد و الغير مبرر و دفع أموال طائلة في تصوير الأوراق و الأسئلة المقترحة و شراء الدوسيات و اخذ الدروس الخصوصية و الدخول إلى المراكز الثقافية .
نتمنى النجاح للجميع و التعامل مع الامتحان بعقلانية و مسؤولية دون توتر و خوف ..و هو امتحان طبيعي يسير في جو تربوي مريح , و جميع الطلبة هم أبناءنا .
الدكتور عبد الكريم علي اليماني
Email:qream_alymany@yahoo.com   


ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا