الجمعة، 14 فبراير 2014

ألقِ أنت أيضا بذورك




 

ألقِ أنت أيضا بذورك



يحكى أن رجلا كان يسكن في مدينة كبيرة، يعمل في أحد المصانع الذي يبعد عن
منزله حوالي خمسين دقيقة.
وذات يوم وهو صاعد كعادته إلى إحدى المحطات صعدت معه إمرأة كبيرة في السن،
كانت تلك المرأة تحاول دائما الجلوس بجانب النافذة.
كانت تفتح حقيبتها، وتخرج كيسا من البذور وتلقي شيئا من البذور عبر النافذة
سأل ذلك الرجل المرأة عن ماذا تلقي من تلك النافذة؟
أجابته قائله: ألقي بذورا .
قال الرجل: بذور ؟ بذور ماذا؟
قالت: بذور ورد.
عندما أنظر من تلك النافذة أرى الطريق فارغا أريد أن أسافر وأرى الورود ذات
الألوان الجميلة طيلة الطريق.
قالت السيدة: تخيل كم هو جميل ذلك المنظر!!
قال الرجل: ولكن البذور سوف تقع على الرصيف وستدمرها المركبات والمشاة…
وهل تظنين أن هذه الورود يمكنها أن تنمو على حافة الطريق؟
أجابت المرأة قائله: يا بني ! أظن أن الكثير من هذه البذور سوف تضيع, ولكن
بعض هذه البذور ستقع على التراب وسيأتي الوقت الذي فيه ستزدهر…. وهكذا…
بإمكانها أن تنمو؟
قال الرجل: لكن هذه البذور تحتاج إلى الماء لتنمو …
قالت: نعم أنا سأعمل واجبي. وهناك أيام المطر.
قالت السيدة: إذا لم اقذف أنا البذور، هذه البذور لا يمكنها أن تنمو.
قالت السيدة هذا الكلام، وأدارت رأسها إلى النافذة المفتوحة،
وبدأت ” عملها“ كالمعتاد.
نزل الرجل من الباص، وهو يظن أن المرأة قد ”خرفت“.

مضىت الأيام …وفي يوم من الأيام في نفس ذلك الطريق، جلس نفس الرجل بجانب
النافذة، رفع بصره ونظر فإذا به يرى ورودا جميلة وكثيرة ومعطرة وملونة تملؤ
الطريق….
تذكر الرجل تلك المرأة الكبيرة وسأل عنها بائع تذاكر الباص الذي يعرف الجميع.
فقال: أين تلك المرأة التي كانت تلقي بذوراً من النافذة ؟
فأجاب: ماتت أثر نزلة صدرية.
عاد الرجل إلى مكانه,و واصل النظر من النافذة، ممتعاً عينيه بمنظر القرية
المزهرة. فكر الرجل في نفسه وقال ” الورود تفتحت“ ولكن ماذا نفع المرأة الكبيرة هذا
العمل؟ فهي قد ماتت ولم تتمتع بهذا الجمال..
 وفي نفس اللحظات، سمع الرجل ابتسامات طفلة من المقعد الذي أمامه جلست طفلة تؤشر بحماس من النافذة قائلة: أنظر كم هو جميل!!!
يا إلهي كم ورود في الطريق… ما هو اسم هذه الورود؟؟
وفي تلك اللحظات فهم الرجل ما كانت قد فعلته تلك المرأة.
حتى ولو أنها لم تتأمل جمال الزهور التي زرعتها، فإنها سعيدة.

في النهاية لقد منحت هدية عظيمة للناس.
ألقِ أنت أيضا بذورك…
لا يهم إذا لم تتمتع أنت برؤية الأزهار!
بالتأكيد أحدٌ ما سيستمتع به يوم من الأيام ويستقبل الحب الذي نثرته …

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا