الأربعاء، 4 يوليو 2012

القيادة والإبداع


https://encrypted-tbn0.google.com/images?q=tbn:ANd9GcTydqXbKfr-PAwo4J0jsSiu37cyEGQiJNvfax-O5IY3Td_E2nvG

القيادة والإبداع


لا يستبعد بعض الباحثين المهتمين بدراسة القيادة أن تكون هذه متوارثة جينياً فلا يسع المرء تعلم أصولها. ويجد آخرون أنها اختراع لا اكتشاف، وأنها أداء تلقائي لا توصيف له. ومنهم من يدرجها صنفاً من أصناف الفنون الجميلة. وموضوع هذا الفن يتمثل بخلق رؤية استراتيجية للجماعة التابعة وتعيين توجيهاتها الحالية وتحديد مصيرها. فتكون مهمة القيادة تنسيق العلاقات القائمة بين هوية الجماعة من جهة، وبين الرؤية الإستراتيجية لمسارها من جهة أخرى، والبحث عن كيفية تحقيقها، وهوية الجماعة ليست انعكاساً للواقع، إنما هي بناء تعمل القيادة على إنشائه بواسطة العدة الأسطورية والمصادر المتضاربة لرواية نشوئها وتاريخها. أما الرؤية فيتم تصميمها في المخيلة لا بالاختبار؛ لذا فهي أقرب لأن تكون لوحة تشكيلية منها الى ن تكون صورة فوتوغرافية، والتكتيكات التنظيمية التي تنفذها القيادة تنتمي إلى فئة "العمل في الميدان"، فلا تخضع للحسابات الدقيقة. ويتم إرسال هذا كله وتلقيه عبر التواصل بالإقناع القائم، أساساً، على الفنون الأدائية: مسرح المهارات الكلامية.
تفترض صورة القيادة هذه شخصية كاريزمية قادرة على إحداث تأثير شبه سحري في تابعيها مصدره قدر كبير من الإبداع في تحقيق مهامها الفنية، وحيث يبدو الكلام عن فن القيادة مجرداً وإنشائياً فإن افتراض لزوم الإبداع لدى القيادة في وعضوية معينة، والمنظمات في المجتمع بخاصة، جاء لدى آخرين ملموساً ومصوغاً بمفردات من السلوك التنظيمي. فقيادة المنظمات، مثلاً، مضطرة لتوليد حلول لمسائل طارئة في وضعيات واقعية للجماعة تتسم بضيق الوقت وتشعب مصادر مكوناتها، وذلك باللجوء إلى طرق مختصرة ومعارف تجريبية عامة. أما المسائل الشاملة والمعقدة فيتم التعامل معها تدريجياً، بجمع أجزاء تفصيلية منها. ومراحل هذا التعامل تبدأ بتحديد المشكلة وتفكيكها الى عناصرها وتعيين القيود التي نواجه حلها. . . الإطار الزمني، الموارد المتاحة، متطلبات النظام، الأهداف المتضاربة والمشاكل التي تولدها الحلول المحتملة. ويتمثل ذلك بالجهود المبذولة لإعادة تنظيم المعلومات المتوفرة لا خلق مزيد منها، كما يتمثل بتعيين الحلول التي يتبين، لاحقاً، أنها صالحة في حدود التقييدات المحيطة بالمنظمة. إن التوصل إلى الفعل في الوضعية التنظيمية، بوجود التعقيدات المحيطة بها، من أهم مظاهر الإبداع في القيادة، من هنا، فإن إبداع القيادة هو ظاهرة اجتماعية ملموسة تنطوي على قدرات رفيعة توظف في خلق رؤية مشتركة وتفترض مهارات اجتماعية تسمح بتوليد شروط اجتماع الآخرين والتأثير فيهم وإلهامهم لإحداث توافقهم على العمل معاً من أجل تحقيق أهداف مشتركة.
ينتمي الوصف الأول، والذي أثبتنا أعلاه لإبداع القائد – "الفنان" الى ما عرف في أدبيات القيادة بـ "نظرية السمات" (Trait Theory) التي ترصد للقائد سمات شخصية ثابتة عبر الزمان والمكان. أما في شخصية القائد – مدير المنظمة – فإن الإبداع دالة الوضعية المحيطة به. لذا فإن القيادة هنا موقفية ( Situational). فتصح الأولى، بدرجة أكبر، على قيادات لأشخاص "تابعين" يحملون ولاء لشخص القائد وثقة بمشروعه ورؤيته، فيما تصف الثانية قيادة مشروطة بمصداقية الرؤية التي تحملها وحسن الأداء في محاولة تحقيقها وملموسية النتائج التي تحدثها 

د. عبد الكريم علي اليماني
Email:qream_alymany@yahoo.com
.

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا