الجمعة، 6 سبتمبر 2013

مهارات التفكير ونوعية التغيير


https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRxCMo1SWVGaJM7YsiuB1v1mdQmYJyjEvnmSDTKC6xU8bb5S06V



مهارات التفكير ونوعية التغيير

"
إذا أعطيت ابنك سمكة فسوف يأكل يوما ، وإذا علمته صيد السمك فسوف يأكل طيلة حياته " . هذا المثل الصيني يمكن توظيفه تشبيهيا بدور تعلم مهارات التفكير في تكوين انقلاب نوعي في طريقة تدريس المناهج الدراسية وفي تحسين نوعية المخرج أو المنجز التعليمي وبالتالي انعكاسه على خطط التنمية الوطنية. فتعليم الناشئة ممارسة مهارات التفكير العليا والدنيا كمهارة حل المشكلات PROBLEM SOLVING أو العصف الذهني BRAINSTORMING أو مهارات التفكير الناقد CRITICAl THINKING أو مهارات التفكير الإبداعي CREATIVE THINKING أو الاستقراء INDUCTIVE و الاستنباط DEDUCTIVE وغيرها من المهارات المنظمة للعمليات العقلية كل ذلك من شأنه تكوين شخصية علمية مفكرة تتجاوز حدود المعلومة أو الموقف التعليمي المرتبط بالمقرر الدراسي إلى حد تحقيق الهدف الأسمى من إعطاء المعلومة وهو توظيفها في مواقف أخرى تعليمية أو عملية .
وعطفا على ما سبق تبرز الحاجة إلى تعلم وتعليم مهارات التفكير ودمجها في المنهج الدراسي لأسباب كثيرة منها :
-
أن التفكير مطلب شرعي ، فقد دعا القرآن الكريم للنظر العقلي بمعنى التأمل والفحص وتقليب الأمر على وجوهه لفهمه وإدراكه ، وعاب على من تمسك بالموروث البشري دون إمعان النظر وإعمال الفكر في الحقائق الإلهية الواضحة .
-
ومنها أن تعلم مهارات التفكير مطية لذكاء الفرد ، فالذكاء قدرة عقلية تعبر عن نفسها بواسطة مهارات التفكير . وقد شبه العالم" دي بونو "( أحد أشهر علماء التفكير والإبداع ) العلاقة بين الذكاء وتعلم مهارات التفكير بالعلاقة بين محرك السيارة ومهارة قيادتها أو إطاراتها .
-
ومنها أن تعلم مهارات التفكير حل لكثير من مشاكلنا التربوية كالاستنزاف السلبي لطاقات المعلمين والتي تهدر عادة بالتكرار المستمر للمعلومات في قالب نظري لا يثير لدى المتعلم سوى أدنى مستويات التفكير كالحفظ مثلا . ومن المشاكل التربوية أيضا تدني مستوى التحصيل لدى الدارس وهو ما علله العالم " ايستز " بأن تعلم المحتوى الدراسي مقرونا بتعلم مهارات التفكير يترتب عليه تحصيل أعلى مقارنة مع تعلم المحتوى فقط .
-
وتعلم مهارات التفكير يقضي على ظاهرة عرضية التفكير ويعزز جانب عمدية التفكير بمعنى أن التدريب على المهارات التفكيرية يعزز لدى الدارس تعمد تنظيم التفكير عنده وتجزئته إلى خطوات إجرائية تبدأ بفكرة وتنتهي بمنجز ، مرورا بخطوات معدة سلفا .
-
وإضافة إلى ما سبق فإن الحاجة إلى صقل الموهبة وتنميتها يقتضي تعلم مهارات التفكير وممارستها . فالموهبة قدرة قد تتلاشى مع مرور الزمن وقد تموت نهائيا – إذا لم تقترن عملية تنميتها بتعلم نطاق واسع من المهارات التفكيرية – بعد أن يتجاوز العمر الزمني العمر العقلي . وقد اعتبر بعض الباحثين في مجال الموهبة " رنزولي " أن إتقان المهارات التفكيرية جزء لا يتجزأ من طبيعة الموهبة ، وعبر عن ذلك بأن الموهبة هي حصيلة تقاطع ثلاث دوائر تمثل المهارات التفكيرية واحدة منها .
ومما يعزز الحاجة التربوية الماسة للاهتمام بتدريس مهارات التفكير نتائج التجارب العالمية التي أثبتت الجدوى الفعلية والتحسن النوعي المباشر في عملية التعلم والتعليم إذا قرنت باهتمام المدروس بمهارات التفكير من خلال دمجها في استراتيجيات التدريس ، أو من خلال تطبيق منهج مستقل بالمهارات التفكيرية على غرار برنامج " الكورت " لدي بونو والذي يطبق في كثير من دول العالم المتطورة تعليميا . بله تجاوزت تلك الدول حدود تطبيق منهج مستقل للمهارات التفكيرية وإنما نصت سياستها التعليمية صراحة على أن تنمية التفكير لدى الطالب مطلب أساس يجب مراعاته عند التخطيط أو التنفيذ التربوي . ففي كندا مثلا : يعتبر تعلم مهارات التفكير الأساس المهم للتدريس . وفي شيلي : الاختبارات الرسمية للتفكير الناقد هي الأساس للالتحاق بالجامعة . وفي اليابان : الدور الأساس للمدرسة هو تنمية القدرة على التفكير .  وأتمنى تطبيق تدريس مهارات التفكير لطلبتنا في مؤسساتنا التعليمية والحكومية والخاصة .  

د.عبد الكريم علي  اليماني

qream_alymany@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا