الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011




أطفالنا وشاشات التلفاز والحاسوب

 يجلس الطفل امام شاشتي التلفاز والحاسوب أكثر من الوقت الذي يمضيه في رياض الاطفال أو المدرسة. وعمر الانسان مراحل مختلفة أهمها  مرحلة الطفولة بمراحلها المختلفة ، ولا يمكن للطفل أن يكتمل نموه وأن يصل الى حالة النضج إلا إذا تنوعت خبراته وتعددت الوان حياته .
والبيئة التي يعيشها الطفل تؤثر تأثيراً واضحاً على نمط الشخصية التي يكتسبها الطفل والثقافة التي يتعرض لها الطفل تؤثر على الاتجاهات والمثل وأنماط السلوك المختلفة. ويرى الطفل النور وهو في أحضان الاسرة التي تعتبر الوحدة الاجتماعية الاولى والبيئة الاساسية التي ترعى الطفل ولهذا فهي تشتمل على أقوى المؤثرات التي توجه نمو طفولته والبئية المنزلية الجيدة والمناسبة والمستوى الثقافي الذي يعيش فيه الطفل من بداية حياته لهما أهميه عظمى في النمو الجسمي والنفسي والعقلي.
جاء الاقبال على مشاهدة شاشات التلفاز وشاشات الحاسوب على شبكة الانترنت واقبالاً شديداً من عامة الناس حيث انتشرت هذه الشاشات في المقاهي والاستراحات وقاعات الانتظار والفنادق والمراكز الثقافية والرياضية الجلوس لساعات طويله امام هذه الشاشات مما كان لها آثاراً سلبية يجب التأكيد عليها ومن ابرز صفات هذه الشاشات استحواذها على مشاهديها فهي تسيطر على سمع المشاهد وبصره لانه يركز انتباه على صورة متحركة ناطقة في اطار صغير ومحدود يمكن الجلوس امامها في اي مكان داخل البيت أو خارجه.
وإن أهم ما يميز التلفاز والحاسوب عن سائر وسائل الاعلام هو اعتماده على حاسة البصر بالدرجة الاولى الى جانب حاسة السمع.وعن طريق حاسة البصر يكتسب الانسان ثمانية أعشار معلوماته.
تميز التلفاز عن غيره من وسائل الاتصال بقدرته على الالتقاء باكبر شريحة من المشاهدين، فالتلفاز هو المثال لوسائل الاتصال الذي يشاهده عدد هائل من الناس في نفس الوقت. ورغم الجانب الايجابي والكبير والكم الهائل من المعلومات التي تبثها شاشات التلفاز والحاسوب عبر شبكة الانترنت وجعلت العالم قرية صغيرة والانتقال بها عبر المعلومات والاخبار الرياضية والثقافية والفنون، وهذه الشاشات اذا لم يتم التعامل معها بعقلانية فإن اثرها السلبي على حياة الاطفال يؤكده علماء النفس والتربية والاطباء، حيث ان جلوس الاطفال امام شاشات التلفاز والحاسوب لساعات طويله يهدد صحة الاطفال البدنية والعقلية ويؤثر على حواسهم البصرية والسمعية ويحد من حركتهم فيزداد وزنهم وتظهر بلادتهم وعدم حسهم بالمسؤولية والجلوس لساعات طويله امام شاشات التلفاز والحاسوب يساعد في صفة السلبية والانعزالية والكآبة وضيق المزاج والنرفزة والتي قد تستمر حتى مرحلة الشباب ويفتقد أهمية الوقت لدى الاطفال ويبعدهم عن ممارسة هواياتهم في القراءة واللعب والتسامر مع الاهل والاصدقاء ، قد تصل بهم الى درجة الكسل واللامبالاه في عامل الوقت والتلفاز في عرضه للمسرحيات والتمثيليات والاغاني والاعلانات الهابطة يؤدي بالطفل الى المحاكاه والتقليد والابتعاد عن القيم العربية والاسلامية النبيلة التي تورثناها عن الآباء والاجداد.
وهذه الشاشات أصبحت وسيلة تربوية تزاحم الاسرة والمدرسة وتؤثر في عقول الاطفال وامكاناتهم الفكرية المحدودة وشديدة الحساسية وهم مستعدون للتأثر بما يرونه ويسمعونه.
ان القيم التربوية العربية والاسلامية التي تغرسها الاسرة والمدرسة في نفوس الاطفال أخذت في الظمور والاضمحلال لتحل محلها قيم شاشات التلفاز والحاسوب ومسلسلات العنف والجريمه وهي دائرة ضخمة وآثارها وخيمة ذات حلقات متصله تبثها الفضائيات عبر شاشات التلفاز وشبكة الانترنت عبر شاشات الحاسوب، إن هذه الشاشات تبث للكبار والاطفال قيم هذه الشاشات وهي ركام هائل من الغث والسمين جنبا الى جنب دون مغزى أو هوية اذ تتولى الاعلانات والموسيقى والاغاني والتمثيليات والمسلسلات والفن الهابط والرخيص بشكل مبتذل . ومعروف ان الطفل يكون مشدودا بالصورة التي يراها من خلال الرعب المخيف والافلام البوليسية وأفلام ... والافلام الخيالية والتي لا يستطيع عقل الطفل استيعابها ويكون تأثيرها نفسي، حيث يخفف من هذا التأثير احيانا الشعور بالدفء العائلي بوجود اشخاص كبار يشاهدون معه.
وقد ينعكس على نفسية الطفل ما يشاهده عبر الشاشات الى الشعور بالفزع من المخاوف والظلام والوحده والمواقف الرهيبة والنهايات التعيسة والاحكام الظالمة وان الفزع يؤدي الى القلق والكابوس والنوم المتقطع والاحلام المخيفة والاطفال الذين يشاهدون نسبة كبيرة من برامج العنف يميلون بالفعل الى العنف في سلوكهم. وتقليد الفنانات في المستوى الهابط والحركات الرخيصة من الرقص،والرقص يخلو من الفن وحفظ هذه الاغاني والفاظها واستخدامها وتأثيرها على سلوكياتهم وتصرفاتهم ومحاكاتهم لهذا المستوى الهابط من الفن والتقليد الاعمى بقصة الشعر والشكل والباس دون توجيه من الاسرة وغياب دورها في متابعة أبنائها.
يروج التلفاز لاشكال من التربية الموازية التي تلحق ضرراً بدور المؤسسات التربية وخصوصاً الاسرة والمدرسة وان المؤسسات التربوية تقوم على شحذ الذهن وترقية العقل واعداد الفرد للحياة بطريقة سليمة . والتربية هي النمو ومزيداً من النمو وهي الحياة ونقل خبرات الابآء والاجداد الى الابناء.
ولكن شاشات التلفاز والحاسوب تطمس ذلك كله وينحو بالاطفال الى الانفعال واتخاذ القرارات غير العقلانية ويصبح الطفل مقلد للانموذج (سوبرمان) وقد يكون تأثير هذه الشاشات ايجابياً وآخر سلبياً وان تأثيره السلبي ثابت لا ينبغي ان نقلل من خطره أو نهون من أمره في ظل الكم الهائل الذي يتاح للاطفال مشاهدته عبر فضائيات التي تبث في مختلف الاتجاهات وان اغفال دور الاسرة في متابعة اطفالهم من تركيز على البرامج التي تكون بعيدة عن العنف والرعب والمستوى الهابط من الفن الرخيص والتي تتنافى مع القيم الفنية والادبية والدين والتربية السليمة.
وعلى الاسرة ان تشكل من نفسها قوة ضبط وأن تكون مؤثرة على ابنائها في اختيار البرامج المفيده والموجهه التي تعزز قيمنا العربية والاسلامية عند الابناء وتجنبهم القيم السلبية التي تروج لها البرامج الهابطة

الدكتور عبدالكريم علي اليماني

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا