الجمعة، 4 نوفمبر 2016

ثقافة التسامح وقبول الرأي الآخر




ثقافة التسامح وقبول الرأي الآخر


          في ظلّ المتغيرات المتسارعة والمستجدَّات الحالية أصبح من الضروري أن ننشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر المختلف عنَّا واحترام رأيه ... وتوثيق عرى تلك الثقافة في قلوب وعقول الناس جميعاً... تحت شعار اختلاف الآراء والأذواق والأفكار رحمة ونعمة...  -  "لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع" - . لما لها من دور في تطور الإنسانية وتعظيم الخبرة البشرية، وتثوير العقل الجمعي الإنساني،وإضافة الجديد إلى الفكر والمعرفة البشرية ، وبناء الثقة. ونزع العنف والحقد وسوء الظنّ، وإساءة الفهم، وفوبيا الخوف من الآخر، والاستسلام للشكوك والهواجس وبعيداً عن روح التعصب والكراهية وإلغاء الآخر المختلف.

          وهذا ما نلحظه يميز بعض المجتمعات التي استقرت فيها هذه الثقافة حيث لا يوجد تابوات ولون واحد وسياسة واحدة أو وجهة نظر وحيدة، أو احتكار للحقيقة، أو أجندة مفروضة لا حياد عنها. فلا أحد يعلو على النقد. ممَّا يتيح إمكانية تكافؤ الفرص في التعبير عن الرأي. ودون أن يرتبط هذا النقد المعرفي – كما سائد عندنا للأسف -  بالرفض والاستهجان والشعور بالإهانة. بقدر ما يُعدُّ ضمن ثقافة الاختلاف والتعددية الفكرية.

           ولم يتحقق هذا كله إلا بالتسامح وقبول الآخر، والحوار والتواصل، والاحترام والهدوء، وسعة الصدر، والمشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار، لأن إقامة حوار بناء، وخلق فضاء للنقد والفكر الحرّ المستقل ينشر حالة من الاستقرار والسلام والتعايش بين الناس مهما اختلفت أعراقهم ومعتقداتهم وبما ينسجم مع واقع المجتمع ومتطلباته.

         وإنَّ الحوار والتواصل دائماً وأبداً هو الطريق الصحيح لحل كافة القضايا الخلافية أو العالقة، وهو  البديل الصحيح عن فرض الرأي بالقوة، وبهما نحافظ على استمرارية المحبة، والسلام، والتعاون. مما يعود بالنفع على الجميع، ويساعد على إقامة حسٍّ مجتمعي واعٍ ومتواصلٍ ومسالم ومتماسك.

          ولا يكفي لنجاح الحوار مجرد الدعوة إليه دون اتخاذ خطوات عملية تترجمه إلى نقاط التقاء على أرض الواقع، وتزرع الثقة والمصداقية بين المتحاورين، وتستبعد العوائق والموانع. وبغير ذلك يصبح الحوار دون غاية أو هدف، أو مجرد   حوار من أجل الحوار.

            وإن قبول ثقافة الآخر المختلف - مهما بلغت درجة الاختلاف--  لا يعني بالضرورة الاقتناع بها، إنما هو إقرار بوجود الاختلاف معها وبوجود هذه الثقافة وقبولها من قبل الآخر، شرط أن لا تكون تلك الثقافة مبنية على حساب حقوق الآخر أو وجوده، كما ويجب النظر إلى الآخر المختلف من دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو القومية أو الخلفية الاجتماعية أو الاتجاه السياسي أو أي سبب آخر، وطالما أن الاختلاف لا يكون على حساب وجود الآخر أو حياته. ففي النهاية الآخر هو شريكك في الوطن، أو الإنسانية، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات.

           وفي ظلّ غياب ثقافة التسامح وقبول الآخر المختلف التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية خصوصاً يترتب علينا مسؤولية جماعية من كافة الجهات للعمل والنضال من أجل ترسيخ قيمة هذه الثقافة وتطبيقها في الحياة اليومية بشكل يعود بالفائدة على الجميع دون استثناء. والقيام ببعض الخطوات العملية في هذا المجال مثل:
 وضع مناهج تعليمية جديدة لإعداد جيل واع قادر على تحمل أعباء المرحلة، وإيجاد أدوات إعلامية متطورة على جميع الأصعدة، ونبذ كل أشكال التطرف والتخلف والتشدد في المجتمع عن طريق إقامة دورات تعليمية وندوات تثقيفية. وتعزيز ثقافة الاحتكام إلى القانون والقضاء .


الدكتور عبد الكريم علي اليماني   
 E-mail:qream-alyamany@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية

العربية نت

وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا